@ 126 @ .
وأعلمهم بأنه من الغد دخل لحضرتهم لزيارة المولى إدريس رضي الله عنه فرجعوا مسرورين مغتبطين ومن الغد أخذوا زينتهم ولبسوا أسلحتهم ونشروا ألويتهم وخرجوا لميعاده فركب السلطان فرسه وركب معه خاصته وأهل موكبه وفي جملتهم حمدون الروسي عدو أهل فاس وتقدم السلطان فدخل على باب الفتوح وتوسط المدينة فرأى بعض سماسرة الفتن من أولاد ابن يوسف حمدون الروسي وكان قد قتل أباهم حسبما مر فصمدوا إليه فلما رآهم تنحى عنهم قليلا فتبعوه فعلم أنهم عزموا على اغتياله فركض فرسه إلى السلطان وهو على قنطرة الرصيف وأخبره خبر أولاد ابن يوسف وخص وعم بالإرجاف في حق أهل فاس فعدل السلطان عن قصده ورجع على طريق جامع الحوت ثم على جزاء ابن عامر وخرج على باب الحديد إلى فاس الجديد ولم يزر ولم يعلم الناس موجب الرجوع عن الزيارة إلى أن شاع الخبر بذلك فمشى علماء فاس وأشرافها إلى السلطان ورفعوا إليه بيعتهم واعتذر إليه بعض الفقهاء بأن ما وقع في جانب حمدون إنما هو من بعض السفهاء فأعرض السلطان عن ذلك وصم عن سماعه .
وكانت البيعة التي رفعها أهل فاس من إنشاء الفقيه العالم الوجيه أبي العلاء إدريس بن المهدي المشاط المنافي نسبة إلى عبد مناف بن قصي وهذا الفقيه هو الذي كان السلطان المولى إسماعيل رحمه الله بعثه قاضيا على تادلا مع ابنه المولى أحمد الذهبي حين ولاه عليها كما مر ونصها .
الحمد لله الذي جعل العدل صلاحا للملك والرعية والعباد كما جعل الجور هلاكا للحرث والماشية والبلاد وسدد العادل بعنايته وأعد للجائر ما هو معلوم له يوم المعاد وجعل المقسطين على منابر من نور يوم القيامة كما جعل القاسطين في العذاب والحسرات والأنكاد فأسعد الملوك يوم القيامة من سلك مع الرعية سبيل السداد وأصلح ما أظهره الجائر في الأرض من الفساد نحمده أن تفضل علينا بإمام عادل ونشكره إن حكم فينا من لا يصغي في الحق لقول عاذل فولى علينا الخليفة من نسل الشفيع يوم التناد