@ 116 @ .
ولاه على تطاوين وأعمالها فحدثت بينه وبين القائد أبي العباس الريفي منافسة أوجبتها المجاورة والمعاصرة فكان يبلغ كل واحد منهما عن صاحبه ما يحفظه واستمر الحال على ذلك إلى أن توفي السلطان المولى إسماعيل رحمه الله وأفضى الأمر إلى ابنه المولى أحمد فضيع الحزم وأهمل أمر الجند حتى سقطت هيبة السلطان من قلوب الولاة في النواحي فانتهز أبو العباس الريفي الفرصة في أهل تطاوين وزحف إليها في جيش كثيف ودخلها على حين غفلة من أهلها وحاول الفتك فيهم فبرز إليه الفقيه أبو حفص الوقاش في أهل تطاوين وحاربه فانتصر عليه وأوقع به وقعة أعظم مما كان أضمر له وقتل من إخوانه عددا كثيرا ونجا القائد أبو العباس بجريعة الذقن .
ولما اتفق للفقيه أبي حفص هذا الفتح الذي لم يكن له في حساب استخفه النشاط وغلبت عليه حلاوة الظفر حتى طمع في الملك وفاه من ذلك بما كان ينبغي له ولكل عاقل كتمانه فقال قصيدته المشهورة ينعي فيها على أهل الريف فعلتهم وينتقص دولتهم ويفتخر على أهل فاس فمن دونهم ويخبر عن نفسه بما يؤول إليه أمره فأزرى بأدبه على كبر سنه مع أنه كان من أهل الأدب البارع والعلم والرياسة والقصيدة المشار إليها هي قوله .
( بلغت من العليا ما كنت أرتجي % وأيامنا طابت وغنى بها الطير ) .
( ونادى البشير مفصحا ومصرحا % هلم أباحفص فأنت لها الصدر ) .
( نهضت مجيبا للندا راقصا به % وما راعني إذ ذاك زيد ولا عمرو ) .
( شرعت بحمد الله للملك طالبا % وقلت وللمولى المحامد والشكر ) .
( أنا عمر المعروف إن كنت جاهلي % فسل تجد التقديم عندي ولا فخر ) .
( أنا عمر الموصوف بالبأس والندى % أنا عمر المذكور في ورد الجفر ) .
( ظهرت لأحيي الدين بعد اندراسه % فطوبى لمن أمسى يساق له الأمر ) .
( ولم يبق ملك يستتب بغربنا % فعندي انتهى العلم المبرح والسر ) .
( أنا عمر المشهور في كل غارة % أنا البطل المقدام والعالم الحبر ) .
( ضبطت بلادي وانتدبت لغيرها % وعما قليل يعظم الجاه والقدر ) .
( وجئت بعدل للإمامين تابعا % أنا الثالث المذكور بعدهما وتر )