@ 103 @ .
قال صاحب البستان ولقد شاهدت الكثير من آثار الدول فما رأيت أثرا أعظم من آثاره ولا بناء أضخم من بنائه ولا أكثر عددا من قصوره لأن هؤلاء الدول كان من اعتنى منهم بأمر البناء غاية أمره أن يبني قصرا ويتأنق في تشييده وتنجيده وهذا السلطان لم يقتصر على قصر ولا على عشرة ولا عشرين بل جعل مباني العالم كلها في بطن تلك القلعة المكناسية كما قيل كل الصيد في جوف الفرأ هذا كلام صاحب البستان رحمه الله ثم قال .
وكان في سجونه من الأسارى خمسة وعشرون ألفا ونيفا كانوا يعملون في بناء قصوره منهم الرخامون والنقاشون والنجارون والحدادون والمنجمون والمهندسون والأطباء ولم تسمح نفسه قط بفداء أسير .
وكان في سجونه من أهل الجرائم كالقاتل والمحارب والسارق نحو الثلاثين ألفا تظل في العمل مع أسرى الكفار ويبيتون في السجون والأهراء تحت الأرض ومن مات منهم دفن في البناء حتى لم يبق بالمغرب من أهل الفساد عرق ينبض ومما مدح به المولى إسماعيل رحمه الله قول الفقيه الأديب أبي عبد الله محمد بن عبد الله الجزولي من قصيدة له .
( مولاي إسماعيل يا شمس الورى % يا من جميع الكائنات فدى له ) .
( ما أنت إلا سيف حق منتضى % الله من دون البرية سله ) .
( من لا يرى لك طاعة فالله قد % أعماه عن طرق الهدى وأضله ) .
ولنذكر ما سلف في هذه المدة من الأحداث .
ففي سنة إحدى وسبعين وألف توفي الشيخ أبو عبد الله سيدي محمد المفضل بن الشيخ أبي العباس أحمد المرسي ابن الشيخ الأكبر أبي عبد الله سيدي محمد الشرقي كان رحمه الله صالحا خيرا من فضلاء عصره حافظا للقرآن بالسبع قد اشتهر قدره في الناس كثيرا وكان يفر من ذلك وإذا سأله أحد أن يتخذه شيخا يقول نحن إخوة في الله والدرهم الكامل ينفق منه أخذ القراءات عن الفقيه الأستاذ أبي عبد الرحمن بن القاضي وكتب له الإجازة بذلك وكان له نصيب من العلوم سوى القراءات وانتسب في