@ 102 @ والخمس التي بسجلماسة لواحد من أولاد صلبه لأنه كان رحمه الله إذا رأى أحدا من أولاده الذين لم يرد إقامتهم معه بالمغرب قد بلغ أرسله إلى سجلماسة وبني له بها قصرا أو دارا وأعطاه نخلا وأرضا للحراسة والفلاحة ومماليك يقومون له بخدمة أصله وحراثة أرضه في الشتاء والصيف ويعطي كل واحد من ذلك على قدر مرتبته عنده ومنزلة أمه منه فتناسلت أولادهم ونمت فروعهم ووفر الله جمعهم وحفظ نظامهم وكان رحمه الله سديد النظر في نقل أولاده بأمهاتهم من مكناسة إلى تافيلالت مع بني عمهم من الأشراف ليتدربوا على معيشتها التي تدوم لهم فكان ذلك صونا لهم من نكبات الدهر وفضيحة الخصاصة بعد موته وزوال النعمة وانزواء رداء الملك الساتر لهم بين العامة فنجحوا وأفلحوا بخلاف إخوانهم الذين ربوا بمكناسة واستمروا بها إلى أن توفي والدهم وألفوا عوائدهم ومرنوا على شهواتهم فإنهم لم ينم لهم نسل كإخوانهم الذين بالصحراء هذا ما يتعلق بنسل السلطان المولى إسماعيل .
وأما مبانيه بقلعة مكناسة وقصوره ومساجده ومدارسه وبساتينه فشيء فوق المعهود بحيث تعجز عنه الدول القديمة والحادثة من الفرس واليونان والروم والعرب والترك فلا يلحق ضخامة مصانعه ما شيده الأكاسرة بالمدائن ولا الفراعنة بمصر ولا ملوك الروم برومة والقسطنطينية ولا اليونان بأنطاكية والإسكندرية ولا ملوك الإسلام ودولة العظام كبني أمية بدمشق وبني العباس ببغداد والعبيديين بإفريقيا ومصر والمرابطين والموحدين وبني مرين والسعديين بالمغرب وما بديع المنصور بقصر من قصوره ولا بستان المسرة بأحد بساتينه فقد كان عنده بجنان حمرية مائة ألف قعدة من شجر الزيتون وحبسه كله على الحرمين الشريفين ومرت عليه بعد وفاته العصور وأيام الفترة والفتن والناس يحتطبونه فلم يظهر فيه أثر من ذلك ولما بويع السلطان المولى محمد بن عبد الله أحياه وأجرى الماء إليه وأمر بإحصاء ما بقي من شجرة فوجدوه ستين ألفا فكان رحمه الله يبعث بثمن غلته إلى الحرمين تنفيذا لمراد جده وكذا ابنه المولى سليمان رحمه الله