@ 94 @ $ محنة الفقيه أبي محمد عبد السلام ابن حمدون بسوس رحمه الله $ .
قد تقدم لنا ما كان من أمر السلطان المولى إسماعيل رحمه الله لعلماء عصره بالكتابة على ديوان العبيد وامتناعهم من ذلك ولما كانت سنة عشرين ومائة وألف تجددت المحنة وألزم الرئيس أبو محمد عبد الله الروسي فقهاء فاس أن يكتبوا على الديوان المذكور فمن كتب نجا ومن أبى قبض عليه ثم قبض على أولاد جسوس واستلب أموالهم وأجلس فقيههم الشيخ أبا محمد عبد السلام بن حمدون جسوس بالسوق مقيدا يتطلب الفداء ثم حمل مسجونا إلى مكناسة .
ودخلت سنة إحدى وعشرين ومائة وألف فعفا السلطان عن الفقيه المذكور وسرحه وبعث به إلى فاس ليزعج الحراطين الذين بها إلى مكناسة فقدم وأزعجهم في ربيع الأول من السنة المذكورة ثم كان عاقبة الفقيه المذكور أن قتله القائد أبو علي الحسن بن عبد الخالق الروسي فمن الناس من يقول إن ذلك كان بأمر السلطان ومنهم من يقول بغير أمره اه وقد وقفت على تقييد بخط شيخنا الفقيه أبي عبد الله محمد بن عبد العزيز محبوبة السلاوي رحمه الله وكان واعية يقول فيه إن امتحان الفقيه أبي محمد جسوس كان من أجل امتناعه من الموافقة على ديوان الحراطين الذي اخترعه عليليش المراكشي للسلطان الجليل المولى إسماعيل رحمه الله حسبما هو مشهور فهجاه بعض السفهاء وهجا فاسا من أجله وحقد عليه السلطان فاستصفى عامة أمواله وأجرى عليه أنواع العذاب وبيعت دوره وأصوله وكتبه وجميع ما يملك هو وأولاده ونساؤه ثم صار يطاف به في الأسواق وينادى عليه من يفدي هذا الأسير والناس ترمي عليه بالدراهم والحلى وغير ذلك من النفائس أياما كثيرة فيذهب الموكلون به بما يرمى عليه حيث ذهبوا بأمواله وبقي على ذلك قريبا من سنة فكان في ذلك محنة عظيمة له ولعامة المسلمين وخاصتهم ولما دنا وقت شهادته رحمه الله وقد أيس من