@ 21 @ .
ولما انصرم فصل الشتاء خرج على طريق الصحراء فأغار على الجعافرة وانتهب أموالهم وقدم عليه هنالك محمود شيخ حميان من بني يزيد بن زغبة وهم اليوم في عداد بني عامر بن زغبة فقدم عليه محمود المذكور في قبيلته مبايعا له ومتمسكا بطاعته وقدمت عليه أيضا دخيسة ففرح بهم وأكرمهم ودلوه على الأغواط وعين ماضي والغاسول فنهب تلك القرى وأستولى على أموالها وفرت أمامه عرب الحارث وسويد وحصين من بني مالك بن زغبة فنزلوا بجبل راشد متحصنين به فرجع عنهم .
واضطربت أحوال المغرب الأوسط واشرأبت رعاياه إلى الانتفاض على الترك وأخذ باي معسكر يخندق على نفسه وبعث إلى صاحب الجزائر المسمى عندهم بالدولة يخبره بما لحق الرعايا من عيث صاحب سجلماسة فأخرج صاحب الجزائر عساكره وهيأ مدافعه واستعد لحرب المولى محمد وقدم نائبه بالعساكر إلى تلمسان فلما سمع به المولى محمد استمر راجعا إلى وجدة وفرق العرب الذين كانوا مجتمعين عليه ووعدهم لفصل الربيع القابل .
ثم قفل إلى سجلماسة بعد ما شب نيران الحرب في الإيالة التركية ونسفها نسفا وضرب أولها بأخرها .
ولما وصل عسكر الترك إلى تلمسان وأخبروا برجوع المولى محمد إلى تافيلالت سقط في أيديهم ووجدوا البلاد خالية وكل الرعايا قد أجفلت عن أوطانها وتحصنوا بالجبال ولم يأتهم أحد بمؤنة ولا خراج وانحرف عنهم أهل تلمسان أيضا وكانوا قد ركنوا إلى المولى محمد وخاطبوه فرأى الترك أنهم قد شوركوا في بلادهم وزوحموا في سلطانهم فرجعوا إلى الجزائر .
وكان من أمرهم ما نذكره الآن