@ 76 @ للإسلام ومناواة لأبي عبد الله حتى جاء المدد لأهل الحلق وكانت تلك الرابطة بين أهل الأندلس والنصارى متوارثة من لدن كانوا بأرضهم فكانوا آنس بهم من أهل المغرب فلما أتى أبو عبد الله بالسلالم لم تغن بعد شيئا ومن هنالك استحكمت البغضاء بينه وبين أهل الأندلس وكان أهل الأندلس قد أعلموا النصارى بأن محلة أبي عبد الله النازلة لمحاصرة الحلق ليست لها إقامة فبلغ ذلك أبا عبد الله فأقام عليهم الحجة وشاور العلماء في قتالهم فأفتى أبو عبد الله العربي الفاسي وغيره بجواز مقاتلتهم لأنهم حادوا الله ورسوله ووالوا الكفار ونصحوهم ولأنهم تصرفوا في مال المسلمين ومنعوهم من الراتب وقطعوا البيع والشراء عن الناس وخصوا به أنفسهم وصادقوا النصارى وأمدوهم بالطعام والسلاح وكان سيدي عبد الواحد بن عاشر لم يجب عن هذه القضية حتى رأى بعينه حين قدم إلى سلا بقصد المرابطة فرأى أهل الأندلس يحملون الطعام إلى النصارى ويعلمونهم بعورة المسلمين فأفتى حينئذ بجواز مقاتلتهم فقاتلهم أبو عبد الله وحكم السيف في رقاب هم أياما إلى أن أخمد بدعتهم وجمع الكلمة بهم .
ولما وقعت غزوة الحلق الكبرى قدمت الوفود على أبي عبد الله بقصد التهنئة بما منحه الله من الظفر فحض الناس على استئصال شافة من بقي بالحلق من النصارى وعير العرب بترك الكفار في بلادهم وكان ممن حضر من العرب جماعة من الخلط وبني مالك والتاغي والدخيسي وغيرهم فقال لهم أبو عبد الله والله والله والله إن لم تأخذكم النصارى لتأخذنكم البربر فقالوا يا سيدي كيف يكون هذا وأنت فينا فقال لهم اسكتوا أنتم الذين تقطعون رأسي فكان كذلك وهذا من كراماته رضي الله عنه ثم صرف عزمه إلى التضييق على نصارى العرائش وشن الغارات عليهم فتقدم في جمع من المسلمين وكمن بالغابة نحوا من سبعة أيام فخرجوا على حين غفلة فمكن الله من رقابهم وكان في مدة كمونه بالغابة أخذ حناشا من عرب طليق يقال له ابن عبود والحناش في لسان عامة أهل المغرب هو الجاسوس فأراد عبد الله قتله فقال له اسبقني وأنا تائب إلى الله وأنا أنفع المسلمين