@ 62 @ افتراق الكلمة وتلاعب شياطين الإنس والجن بذوي العقول منهم فصاروا أحزابا وفرقا فاتبعت كل طائفة من هواها ما كانت تعبد حتى إذا عرض لعاقل أو عرض عليه منهم الإقلاع بادره الشياطين فسدوا عليه بابه وأروه بإغوائهم وزينوا له أن ذلك يشينه لدى العامة ويوجب له السقوط من أعين الناس مع أنه لا يعده من السقوط إلا ! < الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس > ! الناس 6 - 4 وأين يغيب عن الموفق أن السقوط من عين الله هو الطامة الكبرى وأين غاب عنه أن العبرة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا بكلام الهمج الرعاع ممن لا يزال الشيطان يلعب به آخذا بزمامه ساكنا على قلبه ولسانه وأين يغيب عنه من كتاب الله ! < فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى > ! النازعات 37 - 41 فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون هذه مصيبة عظيمة نزلت بمغربنا فافترق ملأهم وقتلت سرواتهم وانتهبت أموالهم وهتكت حرمهم ومزقت أعراضهم وفسدت أديانهم واختلت وبدت عن التوفيق آراؤهم وكادت تطمع بل طمعت فيهم أعداؤهم اللهم يا ذا الطول والامتنان يا حنان يا منان يا ذا الجلال والإكرام تداركنا بألطافك الخفية في ديننا ودنيانا يا خالق الأرض والسماء .
فإن قلت ما ذكرته من أن خروجك من الحواضر إلى البوادي هو نتيجة افتراق الكلمة كما فعله من يقتدي به من الصحابة رضي الله عنهم فتبدى صحيح وما دليلك على التلاعب قلت ما خرجه أئمة الصحاح من منع الخروج على الأئمة وأن الواجب في حق من رأى منهم ما يكره الصبر والاحتساب إذ غائلة الجور وإن تفاحش أقل بكثير من غائلة الخروج الذي يترتب عليه فساد المهج والأموال والأعراض والأديان وهتك الحرم ولهذا صبر على الحجاج من علماء الصحابة والتابعين من صبر حتى لقوا الله تعالى سالمي الأديان وبعبادته مغتنمي الزمان وتذكر فما بالعهد من قدم بالمرابط أبي محلي كان في قطره عالي الصيت يقصد ويتبرك به ويعتقد فيه أنه من قطب زمانه وبلغ به الحال إلى أن سولت له نفسه أو سول لها أنه يصلح به