@ 61 @ القاضي بتارودانت يومئذ الفقيه العالم أبو مهدي عيسى بن عبد الرحمن السكتاني وكان أبو زكريا قد استشاره فيما عزم عليه فلم يوافقه على ذلك ولم يساعده على مراده لما فيه من الخروج على السلطان بلا موجب فغضب عليه الفقيه أبو زكرياء حتى أمر بقتله غيله فيما قيل فخرج القاضي من المدينة خائفا يترقب وذهب إلى مراكش فاستقر بها وعصمه الله منه وكتب إلى أبي زكرياء برسالة يعظه فيها وينهاه عن الخروج على السلطان ونصها .
بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله عليه وسلم .
يقول الفقير الشديد الحاجة إلى رحمة مولاه الغني به عمن سواه السائل منه التوفيق واللطف في ظعنه ومأواه كاتبه عيسى بن عبد الرحمن السكتاني عفا الله عنه وسمح له الحمد لله الذي جعل الصدع بالحق وظيفة الأنبياء وأورثه بعدهم من خلقه فريق العلماء و صلى الله عليه وسلم على من أكد أمر الصلح وقال ( الدين النصيحة ) فقيل لمن يا رسول الله فقال ( لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) والرضا على آله وصحبه الذين سلكوا سبيله وانتهجوا من المناهج طريقه وعن التابعين وتابع التابعين لهم إلى وقوع القصاص بين الخليقة وبعد فإني لما قفلت بحمد الله بسلامة وعافية إلى جبلي وجدت أهلي وأولادي مستوحشين من البادية وإن كانت محل سلفي ومقر تلادي بعد أن ألفوا الحواضر وطبعوا على طباعها فكانوا أحق بها وكنت في غاية الضيق والتأسف لما حل بالأولاد فتذكرت قول بعض فقهاء الأندلس ممن نابه مثل ما نابني وأصابه مثل ما أصابني .
( أليس من القبيح مقام مثلي % بدار الخسف منكسف الجمال ) .
( أخالط أهل سائمة وسرح % وأرتع بين راعية الجمال ) .
فأجلت فكري وإن كان الكل بقدر الله وإرادته فرأيت أن ذلك وفي القضاء لطف أمر أنتجه كما لا يخفى على ذي بصيرة ما حل بالمغرب من