@ 29 @ وأما ابن أبي محلي فتقدم لما هم به من الحسبة فوقع في شر وخصام أداه إلى فوات الصلاة عن الوقت ولم يحصل على طائل فلما اجتمعا بالليل قال له ابن أبي بكر أما أنا فقد قضيت مآربي وحفظت ديني وانقلبت في سلامة وصفاء ومن أتى منكرا فالله حسيبه أو نحو هذا من الكلام وأما أنت فانظر ما الذي وقعت فيه ثم لم ينته إلى أن ذهب إلى بلاد القبلة ودعا لنفسه وادعى أنه المهدي المنتظر وأنه بصدد الجهاد فاستخف قلوب العوام واتبعوه اه .
وصار ابن أبي محلي يكاتب رؤساء القبائل وعظماء البلدان يأمرهم بالمعروف ويحضهم على الاستمساك بالسنة ويشيع أنه الفاطمي المنتظر وأن من تبعه فهو الفائز ومن تخلف عنه فموبق وربما كان يقول لأصحابه محرضا لهم على نصرته أنتم أفضل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لأنكم قمتم بنصر الحق في زمن الباطل وهم قاموا به في زمن الحق ونحو هذا من زخارف كلامه وإلى ذلك أشار الفقيه أبو زكرياء يحيى بن عبد المنعم الحاحي في بعض قصائده معرضا بأبي محلي المذكور فقال .
( يا أمة المصطفى الهادي أليس لكم % فيمن مضى أسوة من سائر العلما ) .
( نسيتم دين خير الخلق وافترقت % آراؤكم فغدا الإسلام منقسما ) .
( أتحسبون بأن الله تارككم % سدى وخلقكم قد تعلمون لما ) .
( ناشدتكم بالذي في العرض يجمعنا % أما فطنتم ومالاه كمن فهما ) .
( بأن مغربكم قد عمه سخط % من المهيمن يا لله معتصما ) .
( إن قيل للناس إن الهرج يوبقكم % قالوا الفقيه فلان قبلنا اعتزما ) .
( لو لم يكن جاز ما أفتى الإمام به % ولا أتاه ألا تبنوا الذي انهدما ) .
( ومن يقل قال خير الخلق قيل له % ها صاحب الوقت يكفينا الذي علما ) .
( ونحن أفضل من صحب الرسول لنا % أجر يضاعف في أجفارنا نظما ) .
( وزخرفوا ترهات القول فانفعلت % لهم نفوس عوام رشدها عدما )