@ 18 @ $ عودة السلطان زيدان إلى فاس واستيلاؤه عليها ثم إعراضه عنها سائر أيامه $ .
لما سمع السلطان زيدان وهو بمراكش بمقتل مصطفى باشا نهض إلى فاس وجاء على طريق الجبل وكان نصارى الإصبنيول يومئذ قد نزلوا على العرائش وحاولوا الاستيلاء عليها وذلك بإذن الشيخ كما سيأتي وكان عبد الله بن الشيخ بفاس فسمع بنزول النصارى على العرائش فاستنفر الناس وحضهم على الجهاد فتهيؤوا لذلك وعزموا على النهوض إليها فما راعهم إلا السلطان زيدان قد أقبل من ناحية أدخسان وقد أنزل به محتله وتقدم إلى جهة فاس وضرب بأنفاضه فأنهزم الناس عن عبد الله ودخل شراكة فاسا فبعث زيدان قائده عبد الصمد لتسكين روعة أهل البلد وأمر المنادي أن ينادي بنصره فنزل المنادي إلى أن بلغ باب السلسلة فقام في وجهه بعض السياب من أهل العدوة وضربه فجرحه ورجع المنادي وبطل الأمر فبلغ الخبر السلطان زيدان فأمر بإطلاق السبيل في أهل فاس وتحكيم السيف فيهم ثم ندم فأمنهم وسكن روعتهم ونزل زيدان بوادي فاس فخرج الناس للقائه وهو غضبان عليهم وقد استولى على فاس وتمكن منها فأخذ يسب أعيانهم وهم بقتلهم ولكن الله سلم .
ثم إن العرب اجتمعوا عند قنطرة المهدومة في نحو ثمانية آلاف فخرج إليهم زيدان ومعه عرب الشرق فانهزموا عنه ولم يبق معه إلا رهط يسير فرأى زيدان أمامه خيلا قليلة فقصدها فإذا فيها عبد الله بن الشيخ وقد رأى زيدان مقبلا إليه ففر مع أن زيدان إنما قصد الفرار إليه من غير علم له به فاستتب أمر زيدان وتراجع إليه أصحابه ومن الغد رجع إلى فاس فخرج إليه أهل فاس يهنئونه كبارا وصغارا فاتهمهم بأنهم يستهزئون به فأمر بهم فسلبوا رجالا ونساء فكان بعضهم ينظر إلى عورة بعض وكان عدد السلب نحو عشرة