@ 11 @ $ خروج جالية الأندلس من غرناطة وأعمالها إلى بلاد المغرب وغيرها $ .
قد قدمنا ما كان من استيلاء الطاغية صاحب قشتالة على غرناطة وأعمالها سنة سبع وتسعين وثمانمائة وإن أهل غرناطة التزموا طاعته والبقاء تحت حكمه على شروط اشترطوها عليه قد ذكرنا بعضها فيما سلف وأن عدو الدين قد نقض تلك الشروط عروة عروة وكان أهل الأندلس من أجل ذلك كثيرا ما يهاجرون من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام أثناء هذه المدة السالفة غير أن عامتهم كانوا قد تخلقوا بأخلاق العجم وأثر فيهم ذلك أثرا ظاهرا لطول صحبتهم لهم ونشأة أعقابهم بين أظهرهم فكانت تصدر منهم في بعض الأحيان مقالات قبيحة في حق ولاة المسلمين من أهل المغرب وعامتهم لا سيما إذا نالهم منهم بعض الظلم ولقد رأيت في كتاب المعيار وغيره سؤالات وفتاوى صدرت عن علماء المغرب في حق هؤلاء الصنف منهم وكان الملوك السعديون قد جمعوا منهم جندا كبيرا وبهم فتح المنصور إقليم السودان واستمر الحال على ذلك إلى أن كانت سنة ست عشرة وألف فهاجر جميع من لم يتنصر منهم إلى بلاد المغرب وغيرها .
قال في نفح الطيب كان النصارى بالأندلس قد شددوا على المسلمين بها في التنصر حتى أنهم أحرقوا منهم كثيرا بسبب ذلك ومنعوهم من حمل السكين الصغير فضلا عن غيرها من الحديد وقاموا في بعض الجبال على النصارى مرارا ولم يقيض الله لهم ناصرا إلى أن كان إخراج النصارى إياهم أعوام سبعة عشرة وألف فخرجت ألوف بفاس وألوف أخر بتلمسان ووهران وخرج جمهورهم بتونس فتسلط عليهم الأعراب ومن لا يخشى الله تعالى في الطرقات ونهبوا أموالهم وهكذا كان ببلاد تلمسان وفاس ونجا القليل منهم من هذه المضرة وأما الذين خرجوا بنواحي تونس فسلم أكثرهم وهم لهذا العهد قد عمروا قراها الخالية وبلادها اه