[ 339 ] وأما الحديث الثاني فظهور بطلانه أوضح من أن يخفى وذلك أنه قال فيه: إن شابا قال له: ليس الحكم فيه ذلك، فقال أمير المؤمنين - عليه السلام - على ما زعم الخصم: أصبت أنت وأخطأت، وهذا واضح السقوط على ما بيناه لانه لا يخلو - عليه السلام - أن يكون حكم بالخطأ مع علمه بأنه خطأ، أو يكون حكم بالخطأ وهو يظن أنه صواب فإن كان حكم بالخطأ على علم بانه خطأ عاند في دين الله وضل بإقدامه على تغيير حكم الله وهو - عليه السلام - يجل عن هذه الرتبة ولا يعتقد مثل هذا فيه الخوارج فضلا عمن دونهم في عداوته من الناصبة، وإن كان حكم بالخطا وهو يظن أنه صواب فكيف زال ظنه عن ذلك وانتقل عنه بقول رجل واحد لا يعضده برهان وهذا مما لا يتوهم على أحد من أهل الاديان. على أنه لو كان لهذا الحديث أصل أو كان معروفا عند أحد من أهل الاثار لكان الرجل معروفا مشهورا بالعين والنسب مشهور القبيلة والمكان، ولكان أيضا الحكم الذي جرى فيه هذا الامر مشهورا عند الفقهاء ومدونا عند أصحاب الاخبار، وفي عدم معرفة الرجل وتعيين الحكم وعدمه من الاصول دليل على بطلانه كما بيناه. على أن الامة قد اتفقت عنه - عليه السلام - أنه قال: " ضرب رسول الله (ص) بيده على صدري وقال: اللهم اهد قلبه وثبت لسانه فما شككت في قضاء بين اثنين " وهذا مضاد لوقوع الخطأ منه - عليه السلام - في الاحكام ومانع من دخول السهو عليه في شئ منها والارتياب. وأجمعوا أن النبي (ص) قال: " علي مع الحق والحق مع علي يدور حيث ما دار " وليس يجوز أن يكون من هذا وصفه يخطئ في الدين أو يشك في الاحكام. وأجمعوا أن النبي (ص) قال: " علي أقضاكم " وأقضى الناس لا يجوز أن يخطف ________________________________________