[ 338 ] وما ذكره هذا الرجل عنه - عليه السلام - من الحديثين، فأحدهما شاذ وارد من طريق الآحاد غير مرضي الاسناد، والآخر ظاهر البطلان لانقطاع إسناده وعدم وجوده في نقل معروف من الثقات، وليس يجوز المقابلة في مثل هذه الاخبار بل الواجب إسقاط الظاهر منها الشاذ وإبطال المتواتر ما ضاده من الآحاد. والثاني إن لما ذكره الخصم من الحديث الاول عن أمير المؤمنين - عليه السلام - غير وجه يلائم ما ذكرناه من فضل مولانا أمير المؤمنين - عليه السلام - في العلم على سائر الانام: منها أنه - عليه السلام - إنما كان يستحلف على الاخبار لئلا يجتري مجتر على الاضافة إلى رسول الله (ص) بالسماع ما لم يسمعه منه وإنما ألقي إليه عنه فحصل عنده بالبلاغ. ومنها أنه كان يستحلف مع العلم بصدق المخبر ليتأكد خبره عند غيره من السامعين فلا يشك فيه ولا يرتاب. ومنها أنه - عليه السلام - استحلف فيما عرفه يقينا ليكون ذلك حجة له إذا حكم به على أهل العناد ولا يقول قائل منهم عند حكمه بذلك قد حكم بالشاذ. ومنها انه يكون استحلافه - عليه السلام - للخبر بما لا يتضمن حكما في الدين ويتضمن أدبا وموعظة أو لفظة حكمة أو مدحة لانسان أو مذمة فلا يجب إذا علم ذلك من غيره أن يكون فقيرا في علم الدين إليه وناقصا في العلم عن رتبته. على أن لفظ الحديث " ما حدثني أحد بحديث إلا استحلفته " فهذا يوجب بالضرورة أنه كان يستحلف على ما يعلم لانه محال أن يكون كل من حدثه حدثه بما لا يعلم، وإذا ثبت أنه قد استحلف على علم لاحد ما ذكرناه أو لعلة من العلل بطل ما اعتمده هذا الخصم. ________________________________________