وسمعت أبا بكر يقول سمعت محمدا يقول سمعت إبراهيم الخواص يقول من صفة الفقير أن تكون أوقاته مستوية في الانبساط لفقره صائنا له محتاطا لا تظهر عليه فاقة ولا تبدو منه حاجة أقل أخلاقه الصبر والقناعة راحته في القلة وتعذيبه في الكثرة مستزحش من الرفاهات متنعم بالخشونات فهو بضد ما فيه الخليقة يرى ما هو عليه معتمده وإليه مستراحه ليس له وقت معلوم ولا سبب معروف فلا تراه إلا مسرورا بفقره فرحا بضره مؤنته على نفسه ثقيلة وعلى غيره خفيفة يعز الفقر ويعظمه ويخفيه بجهده ويكتمه حتى عن أشكاله يستره قد عظمت من الله تعالى عليه فيه المنة وجل قدرها في قلبه من نعمة فليس يريد بما اختار الله له بدلا ولا يبغى عنه حولا فمن نعوتهم اثنتي عشرة خصلة أولها أنهم كانوا بوعد الله مطمئنين والثانية من الخلق آيسين والثالثة عداوتهم للشياطين والرابعة كانوا من حيث الحق في الأشياء خارجين والخامسة كانوا على الخلق مشفقين والسادسة كانوا لأذى الناس محتملين والسابعة كانوا لمواضع العداوة لا يدعون النصيحة لجميع المسلمين والثامنة كانوا في مواطن الحق متواضعين والتاسعة كانوا بمعرفة الله مشتغلين والعاشرة كانوا الدهر على طهارة والحادية عشر كان الفقر رأس مالهم والثانية عشر كانوا في الرضا فيما قل أو كثر وأحبوا أو كرهوا عن الله واحدا فهذه جملة من صفاتهم يقصر وصف الواصفين عن أسبابهم وكان يقول أربع خصال عزيزة عالم مستعمل لعلمه وعارف ينطق عن حقيقة فعله ورجل قائم لله بلا سبب ومريد ذاهب عن الطمع وقال الحكمة تنزل من السماء فلا تسكن قلبا فيه أربعة الركون إلى الدنيا وهم غد وحب الفضول وحسد أخ قال ولا يصح الفقر للفقير حتى تكون فيه خصلتان إحداهما الثقة بالله والأخرى الشكر لله فيما زوي عنه مما ابتلي به غيره من الدنيا ولا يكمل الفقير حتى يكون نظر الله له في المنع أفضل من نظره له في العطاء وعلامة صدقه في ذلك أن يجد للمنع من الحلاوة مالا يجد للعطاء لا يعرفه غير بارئه الذي خصه بمعرفته وأياديه فهو لا يرى سوى مليكه ولا يملك إلا ما كان من