وراحة وجهد ورفاهة وتعب وموافقة ونصب وبكاء وحزن وخوف وكمد فذلك كله من صفة الحياة التي دعا الله إليها ونبه قلوبهم عليها بقوله سبحانه وتعالى استجيبو لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم .
سمعت أبا محمد عبدالله بن محمد يقول سمعت عمرو بن عثمان يقول المخلصون من الورعين هم الذين تفقدوا قلوبهم بالأعمال والنيات في كل أحوالهم وأعمالهم وحركاتهم وسكونهم مواظبين للاستقامة المفترضة على طاعة الله وله محافظين ومن دخول الفساد عليهم مشفقين فأورثهم الله مراقبته فهنالك تنتصب قلوبهم بمداومة المحافظة لنظر الله إليهم ونظره إلى سرائرهم وعلمه بحركاتهم وسكونهم فهنالك تقف القلوب بعلم الله فلا تنبعث بخطرة ولا همة ولا إرادة ولا محبة ولا شهوة إلا حفظوا علم الله بهم في ذلك فلم تبرز حركات الضمير إلى تحريك الجوارح إلا بالتحصيل والتمييز لقوله تعالى إن الله كان عليكم رقيبا ولقوله سبحانه وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضو فيه فإذا انتصبت المراقبة بدوام انتصاب القلوب بها فهنالك يكون تمام الإخلاص والحيطة في العمل وهنالك يورثهم الله الحياء فدوام المراقبة يفشي الحياء ويمده ويزيد فيه والحياء يعمر القلوب بدوام الطهارة ويخرج من القلوب حلاوة الماء ثم حلاوة الشهوات ودوام الحياء يوجب على القلوب إعظام حرمات الله بإعظام مقام الله حياء من جلال الله لأن إجلال حرمات الله في القلوب غاسل للقلوب بماء الحياة الوارد عليها من فوائد الله فتخلق الدنيا في قلوبهم وتصغر الأشياء فيها وتقوى حركات اليقين بصفاء النظر إلى الموعود فيوصلها بالمعروف ويرجع عليها اليقين بالتوبيخ في إعظام الدنيا والسعي لها ولجمعها .
سمعت أبا محمد يقول سمعت عمرو بن عثمان يقول اعلم أن حد الشكر في القلوب خارج من الاشتغال بالفرح على النعم والاشتغال ببهجتها بما يغلب على النفوس من شرهها عليها وعظيم حظها فيها فالشكر خارج من ذلك فإذا ما حل بالقلوب زهرات النعم ورونق صفوها وخفض العيش فيما هاج في القلوب