حينئذ وماذا يراد بك وماذا يراد منك وأنت حينئذ في محل أمنه روع وأنسه وحشة وضياؤه ظلمة ورفاهيته شدة وشهادته غيبة وحياته ميتة لا درك فيه لطالب ولا مهمة فيه لسارب ولا نجاة فيه لهارب وأوائل ملاقاته اصطلام وفواتح بدائعه احتكام وعواطف ممره احترام فإن غمرتك غوامره انتسفتك بوادره وذهب بك في الارتماس وأغرقتك بكثيف الانطماس فذهبت سفالا في الانغماس إلى غير درك نهاية ولا مستقر لغاية فمن المستنقذ لك مما هنالك ومن المستخرج لك من تلك المهالك وأنت في فرط الإياس من كل فرج مشوه بك في إغراق لجة اللجج فاحذر ثم احذر فكم من متعرض اختطف ومتكلف انتسف وأتلف بالغرة نفسه وأوقع بالسرعة حتفه جعلنا الله وإياك من الناجين ولا أحرمنا وإياك ما خص به العارفين واعلم يا أخي أن الذي وصفته لك من هذه المفاوز وعرضت ببعص نعته إشارة إلى علم لم أصفه وكشف العلم بها يبعد والكائن بها يفقد فخذ في نعت ما تعرفه من الأحوال وما يبلغه النعت والسؤال ويوجد في المقاربين والأشكال فإن ذلك أقرب بظفرك لظفرك وأبعد من حظك لحظك وأحذر من مصادمات ملاقاة الأبطال والهجوم على حين وقت النزال والتعرض لأماكن أهل الكمال قبل أن تمات من حياتك ثم تحيى من وفاتك وتخلق خلقا جديدا وتكون فريدا وحيدا وكل ما وصفته لك إشارة إلى علم ما أريده .
سمعت علي بن هارون يقول سمعت الجنيد بن محمد يقول وقرأه علينا في كتاب كتب به إلى بعض إخوانه اعلم Bك أن أقرب ما استدعى به قلوب المريدين ونبه به قلوب الغافلين وزجرت عنه نفوس المتخلفين ما صدقته من الأقوال جميع ما اتبع به من الأفعال فهل يحسن يا أخي أن يدعو داع إلى أمر لا يكون عليه شعاره ولا تظهر منه زينته وآثاره وألا يكون قائله عاملا فيه بالتحقيق وبكل فعل بذلك القول يليق وأفك من دعا إلى الزهد وعليه شعار الراغبين وأمر بالترك وكان من