فمن نجا من النار فماله منزلة غير الجنة ألم تسمع إلى قوله تعالى فريق في الجنة وفريق في السعير فهل ترى لأحد منزلة بينهما ومن أراد الدخول في عز المحبة فعليه بمفارقة الأحباب والخلوة برب الأرباب فإن قيل فمن أين قلت ذلك فقد حدثني بعض العلماء قال قال إبراهيم بن أدهم لأخ له في الله إن كنت تحب أن تكون لله وليا وهو لك محبا فدع الدنيا والآخرة ولا ترغبن فيهما وفرغ نفسك منهما وأقبل بوجهك على الله يقبل الله بوجهه عليك ويلطف بك فإنه بلغني أن الله تعالى أوحى إلى يحيى بن زكريا عليهما السلام يا يحيى إني قضيت على نفسي أن لا يحبني عبد من عبادي أعلم ذلك منه إلا كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي يتكلم به وقلبه الذي يفهم به فإذا كان ذلك كذلك بغضت إليه الإشتغال بغيري وأدمت فكرته وأسهرت ليله وأظمأت نهاره يا يحيى أنا جليس قلبه وغاية أمنيته وأمله أهب له كل يوم وساعة فيتقرب مني وأتقرب منه أسمع كلامه وأجيب تضرعه فوعزتي وجلالي لأبعثنه مبعثا يغبطه به النبيون والمرسلون ثم آمر مناديا ينادي هذا فلان بن فلان ولي الله وصفيه وخيرته من خلقه دعاه إلى زيارته ليشفي صدره من النظر إلى وجهه الكريم فإذا جاءني رفعت الحجاب فيما بيني وبينه فنظر إلي كيف شاء وأقول ابشر فوعزتي وجلالي لأشفين صدرك من النظر إلي ولأجددن كرامتك في كل يوم وليلة وساعة فإذا توجهت الوفود إليه أقبل عليهم فقال أيها المتوجهون إلى ما ضركم ما فاتكم من الدنيا إذا كنت لكم حظا وما ضركم من عاداكم إذا كنت لكم سلما قال وحدثني الحسين بن أحمد الشامي قال سمعت ذا النون المصري يقول قرأت في التوراة أن الأبرار الذين يؤمنون والذين في سبيل خالقهم يمشون وعلى طاعته يقبضون أولئك إلى وجه الجبار ينظرون فغاية أمل الآمل المحب الصادق النظر إلى وجه الله الكريم فلا ينعمهم في مجلسهم بشيء أكبر عندهم من النظر إلى وجهه وبلغني أنه ينعمهم بعد النظر بأصوات الروحانيين وبتلاوة داود عليه السلام الزبور فلو رأيت داود وقد أتي بمنبر رفيع من منابر الجنة ثم أذن له أن يرقى وأن يسمع حمده وثناءه وقد أنصت