عاجلت أحدا بالعقوبة لعاجلت القانطين من رحمتي ولو يراني عبادي كيف أستوهبهم ممن اعتدوا عليهم بالظلم في دار الدنيا ثم أوجبت لمن وهبهم النعيم المقيم لما اتهموا فضلي وكرمي ولو لم أشكر عبادى إلا على خوفهم من المقام بين يدي لشكرتهم على ذلك ولو يراني عباي كيف أرفع قصورا تحار فيها الأبصار فيقال لمن هذه فأقول لمن عصاني ولم يقطع رجاء مني فأنا الديان الذي لا تحل معصيتي ولا حاجة بي إلى هوان من خاف مقامي وحدثني بعض إخواني ممن يوثق به قال عاتب الحسن إخوانه في ترك مجالستهم فقال الحسن مجالسة الله أشهى من مجالستكم وذكر الله أشفى من ذكركم أما بلغكم ما أوحى الله تعالى إلى أبراهيم عليه السلام يا إبراهيم إنك خليلي فانظر لا أطلع عليك فأجدك شغلت قلبك بغيري فإني إنما أختار لخلتي من لو ألقي في النار وهو في ذكري لم يجد المس النار ألما ومن إذا تراءت له الجنة وقد زخرفت وزينت بحورها وما فيها من النعيم لم يرها بعينه ولا شغل بها عن ذكري فإذا كان كذلك تواترت عليه ألطافي وقربته مني ووهبت له محبتي ومن وهب له محبتي فقد استمسك بحبلي فأي نعمة تعدل ذلك وأي شرف أشرف منه فوعزتي لأرينه وجهي ولأشفين صدره من النظر إلي وقال أبراهيم بن أدهم لو علم الناس لذة حب الله لقلت مطاعمهم ومشاربهم وحرصهم وذلك أن الملائكة أحبوا الله فاستغنوا بذكره عن غيره وسمعت محمد بن الحسين يقول قال عتبة الغلام من عرف الله أحبه ومن أحب الله أطاعه ومن أطاع الله أكرمه ومن أكرمه أسكنه في جواره ومن أسكنه في جواره فطوباه وطوباه والمحب الصادق إذا استنار قلبه بنور حب الوداد نحل جسمه لأن قليل المحبة يبين على صاحبها كثير النحول فإذا وردت خطرات الشوق عليه علم أنه من الله تعالى على خلال أربع إما أن يتقبل طاعته فيفوز بثوابها وإما أن يشغله في الدنيا بطاعته عن الآثام فتقل خطاياه وإما أن يتداركه بنظره فيلحقه بدرجة المحبين تفضلا وإن لم يستحق ذلك فإن فاتته الثلاث لم يفته الرابع إن شاء الله ثواب النصب لله وذلك أن قليل القربة عند الكريم يعتق بها الرقاب من النار