التشاغل منه بأمره يشغل به خلقه وعلى قدر سكون قلبه على وعده يطيب له عيشه وعلى قدر إدامته لطاعته يحليها في صدر وعلى قدره لهجته بذكره يديم ألطاف بره وعلى قدر استيحاشه من خلقه يؤنسه بعطائه فلو لم يكن لابن آدم الثواب على عمله إلا ما عجل له في دنياه لكان كثيرا سوى ما يريد أن يصير إليه من جزيل جزائه وعظيم إعطائه مالا يحيط به إحصاء ولا تبلغه مني إذ كان يعطي على قدر ما هو أهله إنه ملك كريم .
أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البغدادي في كتابه وحدثني عنه عثمان بن محمد ثنا عبدالله بن سهل قال سمعت يحيى بن معاذ يقول من سعادة المرء أن يكون خصمه فهما وخصمي لا فهم له قيل له من خصمك قال خصمي نفسي لا فهم لها تبيع الجنة بما فيها من النعيم المقيم والخلود فيها بشهوة ساعة في دار الدنيا قال وسمعت يحيى يقول لا تعرفه حتى تعمى عن الخلق قال وسمعته يقول يا ابن آدم إنك لا تشتاق إلى ربك إلا بالاستيحاش من خلقه قال وسمعت يحيى يقول للتائب فخر لا يعادله فخر في جميع أفخاره فرح الله بتوبته قال وسمعت يحيى يقول من ادعى حبه فهو طالب فإذا أحبه سكت قال وسمعت يحيى يقول إذا اصطفاهم لنفسه وأمكنهم من أنسه حجبهم عن خلقه بالمعروف من رفقه قيل له وكيف يحجبهم قال يحجبهم عن أبناء الدنيا بأستار الآخرة وعن أبناء الآخرة بأستار الدنيا وهذا مشهور قال وسمعت يحيى يقول ... مجد إلهك يحيى إنه ملك ... مهيمن صمد للذنب غفار ... اشكر له حكما أتاكها مننا ... تترى توافقها في الدين آثار ... قال وسمعت يحيى يقول لو لم يسكنهم ببلواه لطارت بهم نعماه ولم يصل إليه من لم يرض بقسمه ولم يعرفه من لم يتمتع بنعمه ولم يحب من لم يته في كرمه وسمعته يقول حين خاطروا بالنفوس اقتربوا وهذا طعم الخبر فكيف طعم النظر .
سمعت أبا الحسن محمد بن عمرو الجرجاني يقول سمعت أبا محمد الحسن