حدثنا أبي ثنا أحمد بن محمد بن مصقلة وأحمد بن محمد بن أبان قالا ثنا سعيد بن عثمان حدثني ذو النون قال بينا أنا في بعض مسيري إذ لقيتني امرأة فقالت لي من أين أنت قلت رجل غريب فقالت لي ويحك وهل يوجد مع الله أحزان الغربة وهو مؤنس الغرباء ومعين الضعفاء قال فبكيت فقالت لي ما يبكيك قلت وقع الدواء على داء قد قرح فأسرع لي نجاحه قالت فإن كنت صادقا فلم بكيت قلت والصادق لا يبكي قالت لا قلت ولم قالت لأن البكاء راحة للقلب وملجأ يلجأ إليه وما كتم القلب شيئا أحق من الشهيق والزفير فإذا أسبلت الدمعة استراح القلب وهذا ضعف الأطباء بإبطال الداء قال فبقيت متعجبا من كلامها فقالت لي مالك قلت تعجبت من هذ الكلام قالت وقد نسيت القرحة التي سألت عنها قلت لا ما أنا بالمستغني عن طلب الزوائد قالت صدقت حب ربك سبحانه واشتق إليه فإن له يوما يتجلى فيه على كرسي كرامته لأوليائه وأحبائه فيذيقهم من محبته كأسا لا يظمأون بعده أبدا قال ثم أخذت في البكاء والزفير والشهيق وهي تقول سيدي إلى كم تخلفني في دار لا أجد فيها أحدا يسعفني على البكاء أيام حياتي ثم تركتني ومضت .
حدثنا أبي ثنا أحمد بن محمد بن مصقلة ثنا سعيد بن عثمان قال سمعت ذا النون يقول كم من مطيع مستأنس وكم عاص مستوحش وكم محب ذليل وكل راج طالب قال وسمعته يقول اعلموا أن العاقل يعترف بذنبه ويحس بذنب غيره ويجود بما لديه ويزهد فيما عند غيره ويكف أذاه ويحتمل الأذى عن غيره والكريم يعطي قبل السؤال فكيف يبخل بعد السؤال ويعذر قبل الاعتذار فكيف يحقد بعد الاعتذار ويعف قبل الامتناع فكيف يطمع في الازدياد قال وسمعته يقول ثلاثة من أعلام المحبة الرضا في المكروه وحسن الظن في المجهول والتحسين في الاختيار في المحذور وثلاثة من أعلام الصواب الأنس به في جميع الأحوال والسكون إليه في جميع الأعمال وحب الموت بغلبة الشوق في جميع الأشغال وثلاثة من أعمال اليقين النظر إلى الله تعالى