الدهر وهانت عليهم المصائب وذهبوا بالصدق والإخلاص عن الدنيا إلهي فيك نالوا ما أملوا كنت لهم سيدي مؤيدا ولعقولهم مؤديا حتى أوصلتهم أنت الى مقام الصادقين في عملك والى منازل المخلصين في معرفتك فهم الى ما عند سيدهم متطلعون وإلى ما عنده من وعيده ناظرون ذهبت الآلام عن أبدانهم لما أذاقهم من حلاوة مناجاته ولما أفادهم من ظرائف الفوائد من عنده فيا حسنهم والليل قد أقبل بحنادس ظلمته وهدأت عنهم أصوات خليقته وقدموا الى سيدهم الذين له يأملون فلو رأيت أيها البطال أحدهم وقد قام إلى صلاته وقراءته فلما وقف في محرابه واستفتح كلام سيده خطر على قلبه ان ذلك المقام هو المقام الذي يقوم فيه الناس لرب العالمين فانخلع قلبه وذهل عقله فقلوبهم في ملكوت السماوات معلقة وأبدانهم بين أيدي الخلائق عارية وهمومهم بالفكر دائمة فما ظنك بأقوام أخيار أبرار وقد خرجوا من رق الغفلة واستراحوا من وثائق الفترة وأنسوا بيقين المعرفة وسكنوا إلى روح الجهاد والمراقبة بلغنا الله وإياكم هذه الدرجة .
حدثنا عبدالله بن محمد ثنا أبو بكر الدينوري ح وحدثنا محمد بن إسحاق الشمشاطي قال سمعت ذا النون يقول بينا أنا أسير في جبال أنطاكيةوإذا أنا بجارية كانها مجنونة وعليها جبة من صوف فسلمت عليها فردت السلام ثم قالت ألست ذا النون المصري قلت عافاك الله كيف عرفتني قالت فتق الحبيب بيني وبين قلبك فعرفتك باتصال معرفة حب الحبيب ثم قالت أسألك مسألة قلت سليني قالت أي شيء السخاء قلت البذل والعطاء قالت هذا السخاء في الدنيا فما السخاء في الدين قلت المسارعة إلى طاعة المولى قالت فإذا سارعت إلى طاعة المولى تحب منه خيرا قلت نعم للواحد عشرة قالت مر بإبطال هذا هذا في الدين قبيح ولكن المسارعة الى طاعة المولى ان يطلع الى قلبك وأنت لا تريد منه شيئا بشيء ويحك يا ذا النون إني أريد أن أقسم عليه في طلب شهوة منذ عشرين سنة فاتسحيي منه مخافة أن أكون كأجير السوء إذا عمل طلب الأجر ولكن أعمل تعطيما لهيبته وعز جلاله قال ثم مرت وتركتني