عبدالله الأنطاكي يقول كفى بالعبد عارا أن يدعى دعوة ثم لا يحققها بفعله أو يجعل لغير ربه من قلبه نصيبا أو يستوحش مع ذكره حتى يريد به بدلا ينبغي للعبد أن يشتغل بتصحيح ضميره ويعلم مع معاملته وما يطلب وممن يهرب فإنه إذا عرف ذلك طلب من نفسه الحقائق ولم يلق ربه كالعبد الآبق .
حدثنا عثمان بن محمد العثماني ثنا أبو بكر محمد بن أحمد البغدادي ثنا محمد بن أحمد البغدادي قال أنشدني عبدالله بن القاسم القرشي قال أنشدني أحمد بن عاصم الأنطاكي لنفسه ... ألم تر أن النفس يرديك شرها ... وأنك مأخوذ بما كنت ساعيا ... فمن ذا يريد اليوم للنفس حكمة ... وعلما يزيد العقل للصدر شافيا ... هلم إلي الآن إن كنت طالبا ... سبيل هدى أو كنت للحق باغيا ... فعندي من الأنباء علم مجرب ... فمنه بإلهام ومنه سماعيا ... أخبر أخبارا تقادم عهدها ... وكيف بدا الإسلام إذ كان باديا ... وكيف نمى حتى استتم كماله ... وكيف ذوي إذ صار كالثوب باليا ... ومن بعد ذا عندي من العلم جوهر ... يفيدك علماء إن وعيت كلاميا ... وعلما غزيرا جالي الرين والصدى ... عن القل حتى يترك القلب صافيا ... فصبح صحيح محكم القول واضح ... أعز من الياقوت والدر غاليا ... فأصبحت بالتوفيق للحق واضحا ... وذاك بإلهام من الله ماضيا ... لأني في دهر تغرب وصفه ... فصار غريبا موحش الأهل قاصيا ... فأحوج ما كنا إلى وصف ديننا ... ووصف دلالات العقول زمانيا ... عجائب من خير وشر كليهما ... فإن كنت سماعا بدا القلب واعيا ... فقد ندب الإسلام أحمد ندبة ... كما ندب الأموات ذو الشجو شاجيا ... فأول ما أبدأفبالحمد للذي ... براني للإسلام إذ كان باريا ... وصيرني إذ شاء من نسل آدم ... ولم أك شيطانا من الجن عاتيا ... ولو شاء من إبليس صير مخرجي ... فكنت مضلا جاحد الحق طاغيا ... ولكنه قد كان باللطف سابقا ... وإذ لم أكن حيا على الأرض ماشيا