ثم قال له عليك دين قال نعم قال أبا عباس اقض دينه فلما خرجنا قال ما أغنى عني صاحبك شيئا انظر لي رجلا أسأله قلت ههنا الفضيل بن عياض قال امض بنا إليه فأتيناه فإذا هو قائم يصلي يتلو آية من القرآن يرددها فقال اقرع الباب فقرعت الباب فقال من هذا قلت أجب أمير المؤمنين فقال مالي ولأمير المؤمنين فقلت سبحان الله أما عليك طاعة أليس قد روي عن النبي A أنه قال ليس للمؤمن بذل نفسه فنزل ففتح الباب ثم ارتقى إلى الغرفة فأطفأ السراج ثم التجأ إلى زاوية من زوايا البيت فدخلنا فجعلنا نجول بأيدينا فسبقت كف هارون قبلي إليه فقال يالها من كف ما ألينها إن نجت غدا من عذاب الله D فقلت في نفسي ليكلمنه الليلة بكلام من تقى قلب تقي فقال له خذ لما جئناك له رحمك الله فقال إن عمر بن عبدالعزيز لما ولي الخلافة دعا سالم بن عبدالله ومحمد بن كعب القرظي ورجاء بن حيوة فقال لهم إني قد ابتليت بهذا البلاء فأشيروا علي فعد الخلافة بلاء وعددتها أنت وأصحابك نعمة فقال له سالم بن عبدالله إن أردت النجاة من عذاب الله فصم الدنيا وليكن إفطارك منها الموت وقال له محمد بن كعب إن أردت النجاة من عذاب الله فليكن كبير المؤمنين عندك أبا وأوسطهم عندك أخا وأصغرهم عندك ولدا فوقر أباك وأكرم أخاك وتحنن على ولدك وقال له رجاء بن حيوة إن أردت النجاة غدا من عذاب الله فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك واكره لهم ما تكره لنفسك ثم مت إذا شئت وإني أقول لك فإني أخاف عليك أشد الخوف يوما تزل فيه الأقدام فهل معك رحمك الله مثل هذا أو من يشير عليك بمثل هذا فبكى هارون بكاء شديدا حتى غشي عليه فقلت له ارفق بأمير المؤمنين فقال يا ابن الربيع تقتله أنت وأصحابك وأرفق به أنا ثم أفاق فقال له زدني رحمك الله فقال يا أمير المؤمنين بلغني أن عاملا لعمر بن عبدالعزيز شكى إليه فكتب إليه عمر يا أخي أذكرك طول سهر أهل النار مع خلود الأبد وإياك أن ينصرف بك من عند الله فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء قال فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى