[ 979 ] فإذا تجاوز بلاغة البليغ (1) المقدار الذي جرت به العادة في بلاغة العبيد، وتجاوز ذلك (2) بلاغة أبلغهم ظهر كونه ناقضا للعادة. وإنما نتبين ذلك بما ذكرنا وبينا (3) أنه تحداهم بمثل القرآن، فعجزوا عنه، وعما يقاربه. (4) فصل فان قيل: بماذا علمتم أن القرآن ظهر معجزة له دون غيره ؟ وما أنكرتم أن الله سبحانه بعث نبيا غير محمد صلى الله عليه آله، وآمن محمد صلى الله عليه وآله به، فتلقاه منه محمد صلى الله عليه وآله ثم قتل ذلك النبي فادعاه معجزة لنفسه ؟ والجواب: أنا نعلم باضطرار أنه مختص به صلى الله عليه وآله كما نعلم في كثير من الاشعار والتصانيف أنها مختصة بمن تضاف إليه كشعر امرئ القيس (5) وكتاب العين للخليل. ثم إن القرآن المجيد ظهر عنه، وسمع منه ولم يجر في الناس ذكر أنه طهر لغيره، ولا جوزوه، وكيف يجوز في حكمة الحكيم سبحانه أن يمكن أحدا من مثل (6) ذلك، وقد علم حال محمد صلى الله عليه وآله في عزوف (7) نفسه عن ملاذ الدنيا وطلق النفس من أول أمره وآخره، فكيف يتهم بما قالوا ؟ (8) ________________________________________ 1) " القرآن " البحار. 2) " وبلغ حدا لا يبلغه " خ ل، والبحار. 3) " نتبين (يبين) كونه كذلك و (إذا) بينا " خ ل، والبحار. 4) عنه البحار: 92 / 125. 5) هو ابن حجر الكندى، الشاعر الجاهلي المعروف، وصاحب المعلقة. 6) " قبيل " خ ل. 7) عزف نفسه عن كذا: منعها عنه. 8) عنه البحار: 92 / 126. [ * ] ________________________________________