[17] وجب، ومتى علم الإذن في التقية من جهة الاطلاق فهي مقدرة بما تندفع به الضرورة. أما كون المأتي به من جهة ما هو المكلف به والمعتبر شرعا من غير فرق بين ما علم الإذن فيه بخصوصه وغيره، فغير واضح. وهذا كلام جرى في البين وتوضيحه يطلب من مسألة اقتضاء الأمر الإجزاء وعدمه من علم الاصول. الفصل الثاني: في بيان أن الخبر إما أن يكون معلوم الصدق أو معلوم الكذب أو مجهول الحال. وعلى الأولين: فإما أن يكون معلومية صدقه أو معلومية كذبه ضروريا أو نظريا فهذه خمسة أقسام. أما الأول: وهو معلوم الصدق، الذي كونه صدقا ضروري فعلى قسمين، لأنه إما ضروري بنفسه وقد مثلوا له بالخبر المتواتر الآتي تفسيره إن شاء الله تعالى، أو بغيره، كقول القائل: الواحد نصف الاثنين، والكل أعظم من الجزء، فإن ضروريته ليست من مقتضى الخبر من حيث إنه هذا الخبر، بل لمطابقة الخبر لما هو كذلك في نفس الأمر ضرورة، ثم إن التمثيل للضروري بنفسه بالخبر المتواتر مبني على ما عليه الأكثر من إفادة الخبر المتواتر العلم وكون العلم به ضروريا، وإلا فهو ليس متفقا عليه، بل وقع الخلاف في كل من الفقرتين ويأتي بيانه إن شاء الله تعالى. وأما الثاني: وهو معلوم الصدق، الذي كونه صدقا نظري كسبي. فقد مثلوا له بخبر الله جل شأنه، فإن كونه مقطوع الصدق إنما هو بالكسب والنظر، بضم ما دل على قبح الكذب عليه تعالى، وكذا خبر الأنبياء والائمة صلوات الله عليهم عندنا لكون العلم بصدقهم أيضا بإنضمام أدلة قبح الكذب عليهم صلوات الله عليهم. ومن هذا الباب الخبر الموافق للنظر الصحيح. وأما الثالث: وهو معلوم الكذب، الذي كونه كذبا ضروري، فقد مثل له بما خالف المتواتر وما علم عدم وجود المخبر به ضرورة حسا أو وجدانا أو بداهة، مثل الأخبار ببرودة النار وبياض القير ونحو ذلك. وأما الرابع: وهو معلوم الكذب، الذي كونه كذبا نظري فقد مثل له بالخبر المخالف لما دل عليه دليل قاطع بالكسب، مثل الإخبار بقدم العالم ومنه الخبر الذي ________________________________________