[15] كانوا ليحبون أن يجيئ الأعرابي والطاري، فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يسمعوا، وقد كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله كل يوم دخلة، وكل ليلة دخلة فيخليني فيها، أدور معه حيثما دار، وقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري، فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر من ذلك في بيتي وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله، أخلابي وأقام عني نساءه فلا يبقى عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي، لم تقم عني فاطمة ولا أحد بني، وكنت إذا سألته، أجابني وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي، ابتدأني فما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبته بخطي، وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها وخاصها وعامها ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علما أملاه علي - إلى تمام الحديث ". وقد ذكر شطرا من هذا الحديث بعينه، السيد الرضي في نهج البلاغة حين سأل السائل عن أحاديث البدع ومما في أيدي الناس من اختلاف الخبر وذكر الحديث من عند قوله " إن في أيدي الناس حقا وباطلا - إلى حد قوله، وكان لا يمر بي من ذلك شئ إلا سألت عنه، وحفظت " مع تفاوت غير مخل بالمعنى. وروى في أول كتاب المعيشة من الكافي (في باب دخول الصوفية على أبي - عبد الله عليه السلام حديثا يقول عليه السلام فيه: " أخبروني أيها النفر، ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخه ومحكمه من متشابهه الذي في مثله ضل من ضل وهلك من هلك من هذه الأمة ؟ فقالوا: له: أو بعضه، فأما كله فلا، فقال لهم: فمن هيهنا أتيتم، وكذلك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله - إلى أن قال -: فتأدبوا أيها النفر بآداب الله عزوجل للمؤمنين واقتصورا على أمر الله ونهيه ودعوا عنكم ما اشتبه عليكم مما لا علم لكم به وردوا العلم إلى أهله تؤجروا وتعذروا عند الله تعالى - الحديث ". ولا يخفى ما فيه أيضا من الإشارة إلى تفصيل الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وأنه لا يمكن الإقدام عليها والعمل بظواهرها ما لم يعلم حالها من كونها منسوخة أم لا، مقيدة أم لا، مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وآله أم لا، ________________________________________