[401] على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) (15). وتبجح غيره على فقراء الصحابة وعدولهم على حين ساواهم هو وأنزلهم منزلة النفس والوالد، وليس أقل من أن يقال: مزج غيره المصلحة العامة بالمصلحة الخاصة، ولكنه أبى أشد الاباء إلا أن يعمل للمصلحة العامة وحدها، متحرزا كل التحرز من أن يعمل أو يجتهد لمصلحته الشخصية. روى ابن قتيبة في الامامة والسياسة، أن عقيل بن أبي طالب قدم على أخيه " علي " بالكوفة. فقال له علي: مرحبا بك وأهلا، ما أقدمك يا أخي ؟ قال: تأخر العطاء ء عنا، وغلا السعر ببلدنا، وركبنا دين عظيم، فجئت لتصلني. فقال علي: والله ! ما ترى لي شيئا إلا عطائي فإذا خرج فهو لك. فقال عقيل: اشخوص من الحجاز إليك من أجل عطائك ! وماذا يبلغ مني عطاؤك ؟ وماذا يدفع من حاجاتي ؟ فقال الامام الورع رضي الله عنه: هل تعلم لي مالا غيره ؟ أم تريد أن يحرقني الله في نار جهنم في صلتك بأموال المسلمين ؟ (16). ولا شك أن عقيلا الذي لم يسعه عدل الامام الورع ارتحل إلى معاوية الذي لا يميز بين الحلال والحرام، ويعتبر بيت المال وأموال المسلمين جميعا ملكا له وحده ! فهذه صورة واضحة تدلنا على مثالية " علي " في الورع وإيثاره المصلحة العامة على نفسه وأهله وأقاربه، وهي وايم الله مثالية لم يبلغ مبلغها أحد غيره من الصحابة، ولله دره حين كان يردد قتاله المشهورة " يا دنيا غري غيري ". ________________________________________ (15) سورة الحشر الآية 9. (16) الدكتور حامد حنفي داود " مجلة الاسلام " السنة 33 العدد 14 تنظيم الصدقة في الاسلام. ________________________________________