[399] العسكري بنقد أحاديث أم المؤمنين عائشة وأن يتناول دراسة أسانيدها ومتونها في صورة علمية مفصلة، فأغناني فيما جاء به مؤونة البحث المقنع حين سلك فيه المسلك الذي يرضي المنهج العلمي الحديث. وإن القرائن التاريخية لتدلنا على ما جاء في بعض أحاديثها من ضعف لا يداخلنا فيه الشك. فهذه الاحاديث التي تروى عن خلافة الشيخين دون التعرض لذكر علي ينبغي أن نقف منها موقف الحذر الشديد والتثبت التام، وكذلك الاحاديث التي تروى عن فضائل الشيخين وفضائل عثمان، وسيرة الامام علي، لانه مما لا شك فيه كان للعاطفة في هذا المجال دور خطير. فموقفها من أبي بكر موقف الابنة من والدها، كما أن موقفها من عمر موقف يختلف بكثير عن موقفها من علي الذي يعتبر منافسا للشيخين. وفي خروجها على عثمان وتحريضها على قتله ثم مطالبتها بدمه والثأر له لون من التردد في الرأي يحملنا على الشك في أحاديثها عنه، وكذلك موقفها ضد علي ومساندتها لخصومه وانضمامها إلى طلحة الزبير الناكثين لعهدهما في موقعة الجمل فيه شئ كثير من التحامل على شخصية الامام الورع، وفيه دعوة إلى التفرقة في صفوف الجماعة الاسلامية، وفيه تنفيس عن شئ في النفس، حتى أثر عنها أنها سجدت لله شكرا يوم انتهى إليها نبأ مقتل الامام (13) ثم قالت متمثلة: فألقت عصاها واستقر بها النوى * كما قر عينا بالاياب المسافر (14). فكل حديث لها يمت إلى شئ من هذه الاحداث الكبرى يجب أن نقف منه في حذر شديد، وأن نقنع نفوسنا بكلمة الحق مجردة عن الاشخاص والاهواء. ________________________________________ (13) أبو الفرج الاصبهاني " مقاتل الطالبيين ": ص 43. (14) السيد العسكري " أحاديث أم المؤمنين عائشة " ص 203. ________________________________________