[382] مواقف الصحابة وخيار المسلمين يزيد في نار حقده تأججا حين لا يستطيع إبراز دخيلة نفسه حتى إذا خلا بالمغيرة ذات ليلة كشف له عن سره المكتوم. روى الزبير بن بكار في كتابه " الموفقيات " عن مطرف بن المغيرة بن شعبة أنه قال: وفدت مع أبي المغيرة إلى معاوية فكان أبي يأتيه يتحدث عنده ثم ينصرف إلي، فيذكر معاوية، ويذكر عقله، ويعجب مما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة، فأمسك عن العشاء، فرأيته مغتما فانتظرته ساعة، وظننت أنه لشئ حدث فينا أو في عملنا، فقلت له: مالي أراك مغتما منذ الليلة ؟ قال: يا بني إني جئت من عند أخبث الناس، قلت له: وما ذاك ؟ قال: قلت له، وقد خلوت به: إنك قد بلغت يا أمير المؤمنين ! فلو أظهرت عدلا، وبسطت خيرا، فإنك قد كبرت، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم، فوالله ما عندهم اليوم شئ تخافه. فقال لي: هيهات ! هيهات ! ملك أخو تيم فعدل، وفعل ما فعل، فوالله ما غدا أن هلك، فهلك ذكره إلا أن يقول قائل: أبو بكر، ثم ملك أخو عدي فاجتهد وشمر عشر سنين، فوالله ما غدا أن هلك فهلك ذكره إلا أن يقول قائل: عمر، ثم ملك أخونا عثمان فملك رجل لم يكن أحد في مثل نسبه فعمل ما عمل، وعمل به، فوالله ما غدا أن هلك فهلك ذكره، وذكر ما فعل، وان أخا هاشم يصرخ به في كل يوم خمس مرات، أشهد أن محمدا رسول الله، فأي عمل يبقى مع هذا لا أم لك ! ؟ لا والله إلا دفنا دفنا (287). وكان معاوية يرغب أشد الرغبة في أن لا يبقى من بني هاشم نافخ نار على ما وصفه علي في قوله: والله لود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم نافخ ضرمة إلا طعن في بطنه ________________________________________ (287) الموفقيات للزبير بن بكار (ص 577 576) ذكره المسعودي في حوادث سنة اثنتي عشرة ومائتين بهامش ابن الاثير 9 / 49، وشرح النهج 1 / 463. وط. مصر تحقيق محمد أبو الفضل 5 / 130. (*) ________________________________________