[328] بسلسلتها إلى عصر الحادثة التي يقص عنها، ولم يكن عصره كعصر جرجي زيدان الذي لم يكن يحتاج القصاص فيه إلى وضع سند لقصصه التاريخية. هذا هو شأن روايات سيف عندي، وأما إذا ما وجدت الرواية بطريق أخرى فإني أنظر إلى الثانية وأبحث فيها فإما أن أقبلها على حساب الرواة الآخرين، أو أرفضها لعلة فيها. وذكرت خامسا: " إني نسبت إلى سيف: التحريف في سني الحوادث التاريخية، وكلمة التحريف توحي بالتعمد والاختلاق في سني الحوادث مما لا ينفرد به سيف ". فأقول: إن صح أن غير سيف من الرواة أيضا قد يختلفون في تعيين سني الحوادث التاريخية، لكن ذلك غير مطرد لديهم كاطراده عند سيف وحده، هذا بالاضافة إلى انا لم نجد عند أحدهم ما وجدناه عند سيف من الدس والوضع والتحريف في ما يرويه من القصص التاريخية تعمدا، فعطفنا الموارد التي قد خالف فيها سيف جميع الرواة في تعيين سني الحوادث التاريخية أيضا على تعمده في قلب الحقائق التاريخية التي رواها. وأما ما ذكرت من أن بعض الاختلافات الزمنية قد يكون لها أسباب مما لا تتصل بسوء النية، فأقول: قد يستطيع حسن الظن بسيف أن يحمل بعض ما خالف به سيف جميع الرواة على غير سوء النية، إلا أن هناك موارد لا يمكن حملها على غير سوء النية مهما حاول حسن الظن به أن يفعل ذلك. خذ مثلا ما أورده الطبري في ذكره حوادث سنة 12 ه، عن فتح الابلة في (4 / 5 - 6) (1) من تاريخه. فقد روى عن سيف أن أبا بكر بعث ________________________________________ (1) ط / أوروبا (1 / 2024). ________________________________________