[333] أما بعد: فإن أهل الشورى ليس منهم أحد أحق بها من صاحبه، غير أن عليا كان من السابقة، ولم يكن فينا ما فيه، فشاركنا في محاسننا، ولم نشاركه في محاسنه، وكان أحقنا كلنا بالخلافة، ولكن مقادير الله تعالى التي صرفتها عنه حيث شاء لعلمه وقدره، وقد علمنا أنه أحق بها منا، ولكن لم يكن بد من الكلام في ذلك والتشاجر، فدع ذا وأما أمرك يا معاوية ! فإنه أمر كرهنا أوله وآخره، وأما طلحة، والزبير فلو لزما بيعتهما لكان خيرا لهما، والله تعالى يغفر لعائشة أم المؤمنين " الإمامة والسياسة 1: 86 ". 8 - من كتاب لمحمد بن مسلمة إلى معاوية: ولعمري يا معاوية ! ما طلبت إلا الدنيا، ولا اتبعت إلا الهوى، ولئن كنت نصرت عثمان ميتا، لقد خذلته حيا، ونحن ومن قبلنا من المهاجرين والأنصار أولى بالصواب. الإمامة والسياسة 1: 87. إلى كتابات وخطابات لجمع من صلحاء السلف يجدها الباحث مبثوثة في فصول هذا الجزء من كتابنا. قال الأميني: هذه كلمات تامات ممن كانوا يرون معاوية ويشهدون أعماله، وقد عرفوا نفسياته ومغازيه منذ عرفوه وثنيا ومستسلما حتى وقفوا عليه من كثب، وقد تعالى به الوقت بل تسافل حتى طفق يطمع مثله في الخلافة الإسلامية، وبينهما ذاك البون الشاسع، وخلال الفضل التي تخلى عنها، والملكات الرذيلة الذي حاز شية عارها والبرهنة الناصعة التي أكفأته عنها بخفي حنين، وهؤلاء وإن اختلفت كلماتهم لكنها ترمي إلى مغزى واحد من عدم كفائة الطاغية لما يرومه من إمرة المسلمين، أو ما يتحراه من حكومة الشام خلافة مختذلة عن الخلافة الإسلامية الكبرى المنعقدة لأهلها يومئذ أو إنه لا يتحرى إلا إمرة مغتصبة وما لها من مفعول أثرة وثراء، أو إنه منبعث عن ضغائن وإحن مما أصاب أهله وذويه من الإمام عليه السلام فقتلو تقتيلا تحت راية الأوثان وظهر أمر الله وهم كارهون. ولم يكن لمعاوية وأصحابه مرمى غير الإسفاف إلى هذه الهوات السحيقة مما خفي على هؤلاء الحضور، واستكشفه من بعدهم المهملجون وراء الحزب السفياني، الحاملون ولاء ذلك البيت الساقط، وأنت ترى أنه لا يقام في سوق الدين لشيئ منها أي قيمة، ولا ________________________________________