[63] ذلك كله، فالاغتمام به جناية على المجتمع الديني، ووقوف أمام سير الصالح العام. ولعمر الله إن هذه القوارص هي التي فتحت باب الجرأة على أمير المؤمنين بمصراعيه طيلة حياته، وهتكت منه حجاب حرمته وكرامته، وأطالت عليه ألسنة البذاءة والوقيعة فيه، وعثمان هو الذي أزرى الإمام في الملأ الديني، وصغره في أعين الناس وجرأ عليه طغام الأمويين وسفلة الأعراب، فباذأه أبناء أمية وهم على آسال خليفتهم اتخذوه أسوة وقدوة في شتيمته وقذيعته وآذوا نبيهم في أخيه علم الهدى، إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة، وأعدلهم عذابا مهينا، والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم، والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا. - 48 - آية نازلة في الخليفة أخرج الواحدي والثعلبي من طريق ابن عباس والسدي والكلبي والمسيب بن شريك قالوا: نزلت قوله تعالى في سورة النجم 33، 34، 35: أفرأيت الذي تولى، و أعطى قليلا وأكدى (1)، أعنده علم الغيب فهو يرى: نزلت في عثمان رضي الله عنه كان يتصدق وينفق في الخير فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن أبي سرح: ما هذا الذي تصنع ؟ يوشك أن لا يبقي لك شيئا. فقال عثمان: إن لي ذنوبا وخطايا وإني أطلب بما أصنع رضا الله تعالى وأرجو عفوه، فقال له عبد الله: أعطني ناقتك وبرحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها. فأعطاه وأشهد عليه وأمسك وعن بعض ما كان يصنع من الصدقة، فأنزل الله تعالى: أفرأيت الذي تولى. الخ. فعاد عثمان إلى أحسن ذلك وأجمله. وذكره جمع من المفسرين وفي تفسير النيسابوري: معنى تولى: ترك المركز يوم أحد. راجع أسباب النزول للواحدي ص 298، تفسير القرطبي 17: 111، الكشاف 3: 146، تفسير النيسابوري هامش الطبري 27: 50 تفسير الشربيني 4: 128. ________________________________________ (1) قال ابن عباس ومجاهد وطاوس وقتادة والضحاك: أكدى: انقطع فلا يعطي شيئا. يقال البئر أكدت. ________________________________________