[16] وقلت ما قلت من قول الغلاة فما * ذنب الغلاة إذا قالوا الذي وجبا ؟ فرواية ابن شهر آشوب هذه الأبيات تثبت عدم كونها من نظم السيد قطب الدين الأقساسي أيضا إذ ابن شهر آشوب توفي سنة 588 قبل ولادة المستنصر بسنة، وقبل وفاة السيد القطب بسبع وخمسين سنة، ولعلها لأبي الفضل التميمي أو لغيره من أسلاف آل الأقساسي الأولين، وأنشدها قطب الدين للمستنصر. لفت نظر يبلغني من وراء حجب البغضاء والإحن تكذيب هذه المكرمة الباهرة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام وعزوها إلى الغلو مستندا إلى إحالة طي هذه المسافة البعيدة في هذا الوقت اليسير، ولو عقل المسكين أن هاتيك الإحالة على فرضها عادية لا عقلية، وإلا لما صح حديث المعراج [ولم يكن إلا جسمانيا] المتواتر المعدود من ضروريات الدين. ولا صحت قصة آصف بن برخيا المحكية في القرآن الكريم، ولما تمكن عفريت من الجن من أن يأتي بعرش بلقيس قبل أن يقوم سليمان من مقامه، ولم يرده سليمان ولا الذكر الحكيم، غير أن سليمان أراد ذلك بأسرع منه، وشمول القدرة الآلهية على التسيير الحثيث والبطئ شرع سواء، كما أنها بالنسبة إلى كلية الأمور الصعبة والسهلة كذلك، فقد يكرم الله الولي المقرب بأقداره على أشياء لم يقدر عليه من هو دونه، وقد خلق الله الناس أطوارا، فتراهم متفاوتين في القدر، فيقوى هذا على ما لا يقوى عليه ذاك، وليس لقدرة الله سبحانه حد محدود، ومن هنا وهناك اختلفت عاديات الموجودات في شؤونها وأطوارها، فالمسافة التي يطويها الفارس في أمد محدود، غير ما يطويه الراجل، وللسيارات البخارية عدو مرب على الجميع، وإنك تستصغر ذلك العدو إذا قسته بالطائرات الجوية لأنك تجدها تطوي في خمس ساعات مثلا ما تطويه الناس في خمسة أشهر. وهذه طيارة مستكشفة بريحية 19 تحركت من باريك في صباح 24 ابريل سنة 1924 فوصل في المساء إلى بخارست بعد أن قطع 1250 ميلا في 11 ساعة، وفي اليوم التالي أضاف إليها 770 ميلا أخرى، ولم تمض عليه خمسة أيام حتى كان قد وصل إلى الهند، وقطع مسافة قدرها 3730 ميلا، وقد وصلت سرعة الطيارات إلى ما فوق ________________________________________