[203] المنكر لا سيما في مثل عهودهم الحاضرة التي لم يبق فيها من المعروف حتى رسمه فضلا عن أن يكون كلهم من الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر. هذا هو الواقع المرير الذي لا سبيل لنا من انكاره والمكابرة فيه فكيف نتصور انطباق الآية على عهودنا وامثالها. وعليه فليس الاشكال يخص الامة الاسلامية في أول عهودها بعد النبي بل في جميع عهودها الغابرة والحاضرة فكيف نستطيع التوفيق بين واقع امتنا المحزن وبين دلالة الآية على امتداح هذه الامة وتفضيلها على سائر الامم لانها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ كيف التوفيق ياترى ؟ والذي يخطر في بالي من الجواب على ذلك أحد أمرين (الاول) وهو الارجح عندي ان الآية قد تقدمتها آيات أخر ذكرت وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن هذا التشريع كما يبدو منها انه من مختصات المسلمين المخاطبين بهذا الوجوب على أن يتولى بعضهم هذا الامر ثم ذكرت نهي المؤمنين عن ان يتفرقوا ويختلفوا من بعد ان جاءتهم البينات فتبيض وجوه بعض وتسود وجوه آخرين ثم قال: " كنتم خير أمة... " لبيان انه لما كانوا خير الامم لا ينبغي ان يختلفوا وسر انهم خير الامم لانه قد شرع لهم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس المقصود الاخبار عن انهم كلهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لا سيما ان المخاطب ________________________________________