[199] نعم صحيح قولك: " ولم يزد عمر على ان رأى رأيا حين قال: ان الرجل قد غلبه الوجع... " ولكن هذا الرأي لابد أن يحول دون تنفيذ الكتاب لان طبيعة الموضوع تقتضي أن يحول هذا الرأي دونه كما قلنا، فنعرف السر في عدوله (ص) عن تنفيذ الكتاب ونعرف كيف جاز له العدول عنه. وما أدري أي أمر جوهري أعظم من كتاب يؤمن الناس من الضلال ابدا، وهل المقصود من الدين شئ فوق هذا، حتى تقول أنت " ولو كان الامر متعلقا بأمر جوهري من امور الدين. " وبذلك البيان تعرف يا أخي مدى قولك بالاخير " وإلا لترتب على ذلك ان النبي (ص) كتم كثيرا مما كان يريد تبليغه خشية عمر وغيره ولا أظن مؤمنا يقول بذلك " فاني اكرر القول بأن النبي انما عدل عنه - لا خشية من عمر وغيره - ولكن الشبهة التي أثارها وتقبلها بعض الحاضرين بالفعل فاختلفوا بحضوره لا تبقى مجالا للكتاب، لانه - بالعكس - سيكون سببا للضلال والخلاف ابد الدهور بعد ان كان المقصود منه تأمين البشر من الضلال، فلا بد أن يعدل عنه روحي فداه، ولا ينفع معه التدبير باخراج عمر ولا أي تدبير آخر حتى بقتله كما تقول، لان الشبهة قد وقعت رضوا أم أبوا، وكل قول وفعل حينئذ من النبي بعد هذا يكون موضعا لهذه الشبهة بأنه من الهجر وغلبة الوجع. وحق لابن عباس وغير ابن عباس بعد هذا أن يبكي ويبكي بل حق له أن تتفطر كبده ألما لفوات هذه النعمة الكبرى التي لا تعادلها نعمة، مهما كان مقصود ________________________________________