[17] السجن، وارجله لا تزال متأثرة بالقيود، فيختلج في رفيفه ويتثاقل في طيرانه، وقد يهوي أحيانا إلى الهوة غير مختار. هذا من حاول ان يتحرر من شخصيته الاعتقادية وتأثيرها عليه. اما من يؤرخ لاجل غذاء عقيدته، أو يؤلف ارضاء نفسه أو محيطه، فاقرأه ألف سلام ! وأرجو من الله تعالى أن يوفقني لئلا أكونه. وأظنني غير مبالغ إذا قلت: إن المؤرخين من السلف على الاكثر - وأقول " على الاكثر " إذا أردت الاحتياط في القول كانوا من النوع الثاني. بل حتى المؤرخين النوع الثاني. بل حتى المؤرخين في عصرنا لا يخرجون عن هذه الطريقة على الغالب. وإن تظاهروا بحرية الرأي وانصاف الواقع والحق، فظهر جليا - بالرغم على المؤرخ - نزعته على قلمه ويتماشي تأريخه وتأليفه مع الروح التي يحملها، فيختار من الاحاديث مالا يفسد عليه رأيه، ولا يصدق إلا بما يجري على هواه. فكم يكون الرجل عنده كذابا وضاعا، لانه نقل مالا يتفق ومبادءه، وكم يكون ثقة صدوقا لانه لم يرو إلا أحاديث تؤيد طريقته. - 2 - اضطراب التاريخ وهناك بلاء مني به التاريخ الاسلامي خاصة حماه ________________________________________