4820 - حدثنا محمد بن بحر بن مطر وعلي بن شيبة البغداديان قالا ثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم قال Y لما قسم رسول الله A سهم ذوي القربى أعطى بني هاشم وبني المطلب ولم يعط بني أمية شيئا وبني نوفل فأتيت أنا وعثمان Bه رسول الله A فقلنا يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم فضلهم الله بك فما بالنا وبنى المطلب وإنما نحن وهم في النسب شيء واحد [ ص 236 ] فقال إن بني المطلب لم يفارقوني في الجاهلية ولا في الإسلام قالوا فلما أعطى رسول الله A ذلك السهم بعض القرابة وحرم من قرابته منه كقرابتهم ثبت بذلك أن الله لم يرد بما جعل لذوي القربى كل قرابة رسول الله A وإنما أراد به خاصا منهم وجعل الرأي في ذلك إلى رسول الله A يضعه فيمن شاء منهم وإذا مات فانقطع رأيه انقطع ما جعل لهم من ذلك كما قد جعل لرسول الله A يصطفى من المغنم لنفسه سهم الصفي فكان ذلك ما كان حيا يختار لنفسه من المغنم ما شاء فلما مات انقطع ذلك وممن ذهب إلى هذا القول أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمة الله عليهم وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل ذوو القربى الذين جعل الله لهم من ذلك ما جعل هم بنو هاشم وبنو المطلب فأعطاهم رسول الله A ما أعطاهم من ذلك بجعل الله D ذلك لهم ولم يكن له حينئذ أن يعطى غيرهم من بني أمية وبني نوفل لأنهم لم يدخلوا في الآية وإنما دخل فيها من قرابة رسول الله A بنو هاشم وبنو المطلب خاصة فلما اختلفوا في هذا هذا الاختلاف فذهب كل فريق إلى ما ذكرنا واحتج لقوله بما وصفنا وجب أن نكشف كل قول منها وما ذكرنا من حجة قائله لنستخرج من هذه الأقاويل قولا صحيحا فنظرنا في ذلك فابتدأنا بقول الذي نفى أن يكون لهم في الآية شيء بحق القرابة وأنه إنما جعل لهم فيها ما جعل لحاجتهم وفقرهم كما جعل للمسكين واليتيم فيها ما جعل لحاجتهما وفقرهما فإذا ارتفع الفقر عنهم جميعا ارتفعت حقوقهم من ذلك فوجدنا رسول الله A قد قسم سهم ذوي القربى حين قسمه فأعطى بني هاشم وبني المطلب وعمهم بذلك جميعا وقد كان فيهم الغني والفقير فثبت بذلك أنه لو كان ما جعل لهم في ذلك هو لعلة الفقر لا لعلة القرابة إذا لما دخل أغنياؤهم في فقرائهم فيما جعل لهم من ذلك ولقصد إلى الفقراء منهم دون الأغنياء فأعطاهم كما فعل في اليتامى فلما أدخل أغنياءهم في فقرائهم ثبت بذلك أنه قصد بذلك إلى أعيان القرابة لعلة قرابتهم لا لعلة فقرهم وأما ما ذكروا من حديث فاطمة Bها حيث سألت رسول الله A أن يخدمها خادما من السبي الذي كان قدم عليه فلم يفعل ووكلها إلى ذكر الله D والتسبيح فهذا ليس فيه عندنا دليل لهم على ما ذكروا لأن رسول الله A لم يقل لها حين سألته لا حق لك فيه ولو كان ذلك كذلك لبين ذلك لها كما بينه للفضل بن العباس وربيعة بن الحارث حسن سألا أن [ ص 237 ] يستعملهما على الصدقة ليصيبا منها فقال لهما إنما هي أوساخ الناس وأنها لا تحل لمحمد ولا لأحد من أهل بيته وقد يجوز أيضا أن يكون لم يعطها الخادم حينئذ لأنه لم يكن قسم فلما قسم أعطاها حقها من ذلك وأعطى غيرها أيضا حقه فيكون تركه إعطاءها إنما كان لأنه لم يقسم ودلها على تسبيح الله وتحميده وتهليله الذي يرجو لها به الفوز من الله تعالى والزلفى عنده وقد يجوز أن يكون قد أخدمها من ذلك بعد ما قسم ولا نعلم في الآثار ما يدفع شيئا من ذلك وقد يجوز أن يكون منعها من ذلك إن كان منعها منه لأنها ليست قرابة ولكن أقرب من القرابة لأن الولد لا يقال هو من قرابة أبيه إنما يقال ذلك لمن غيره أقرب إليه منه ألا ترى إلى قول الله D قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين فجعل الوالدين غير الأقربين لأنهم أقرب من الأقربين فكما كان الوالد يخرج من قرابة ولده فكذلك الولد يخرج من قرابة والده وقد قال محمد بن الحسن رحمة الله عليه نحوا مما ذكرنا في رجل قال قد أوصيت بثلث مالي لقرابة فلان أن والديه وولده لا يدخلون في ذلك لأنهم أقرب من القرابة وليسوا بقرابة واحتج في ذلك بهذه الآية التي ذكرناها فهذا وجه آخر فارتفع بما ذكرنا أن يكون لهم أيضا بحديث فاطمة Bها هذا حجة في نفي سهم ذوي القربى وأما ما احتجوا به في حديث أبي بكر وعمر Bهما من فعلهما وأن أصحاب رسول الله A لم ينكروا ذلك عليهما فإن هذا مما يسع فيه اجتهاد الرأي فرأياهما ذلك واجتهدا فكان ما أداهما إليه اجتهادهما هو ما رأيا في ذلك فحكما به وهو الذي كان عليهما وهما في ذلك مثابان مأجوران وأما قولهم ولم ينكر ذلك عليهما أحد من أصحاب رسول الله A فكيف يجوز أن ينكر ذلك عليهما أحد وهما إمامان عدلان رأيا رأيا فحكما به ففعلا في ذلك الذي كلفا ولكن قد رأى في ذلك غيرهما من أصحاب رسول الله A بخلاف ما رأيا فلم يعنفوهما فيما حكما به من ذلك إذ كان الراي في ذلك واسعا والاجتهاد للناس جميعا فأدى أبا بكر وعمر Bهما رأيهما في ذلك إلى ما رأيا وحكما وأدى غيرهما ممن خالفهما اجتهاده في ذلك إلى ما رآه وكل مأجور في اجتهاده في ذلك مثاب مؤد للفرض الذي عليه ولم ينكر بعضهم على بعض قوله لأن ما خالف إليه هو رأي والذي قاله مخالفه هو رأي أيضا ولا توقيف مع واحد منهما لقوله من كتاب ولا سنة ولا إجماع [ ص 238 ] والدليل على أن أبا بكر وعمر Bهما قد كانا خولفا فيما رأيا من ذلك قول بن عباس Bهما قد كنا نرى أنا نحن هم قرابة رسول الله A فأبى ذلك علينا قومنا فأخبر أنهم رأوا في ذلك رأيا أباه عليهم قومهم وأن عمر دعاهم إلى أن يزوج منه أيمهم ويكسو منه عاريهم قال فأبينا عليه إلا أن يسلمه لنا كله فدل ذلك أنهم قد كانوا على هذا القول في خلافة عمر بعد أبي بكر وأنهم لم يكونوا نزعوا عما كانوا رأوا من ذلك لرأي أبي بكر ولا رأي عمر Bهما فدل ما ذكرنا أن حكم ذلك كان عند أبي بكر وعمر وعند سائر أصحاب رسول الله A كحكم الأشياء التي تختلف فيها التي يسع فيها اجتهاد الرأي وأما قولهم ثم أفضى الأمر إلى علي Bه فلم يغير شيئا من ذلك عما كان وضعه عليه أبو بكر وعمر Bهما قالوا فذلك دليل على أنه قد كان رأي في ذلك أيضا مثل الذي رأيا فليس ذلك كما ذكروا لأنه لم يكن بقي في يد علي مما كان وقع في يد أبي بكر وعمر من ذلك شيء لأنهما لما كان ذلك وقع في أيديهما أنفذاه في وجوهه التي رأياها في ذلك الذي كان عليهما ثم افضى الأمر إلى علي Bه فلم يعلم أنه سبي أحدا ولا ظهر على أحد من العدو ولا غنم غنيمة يجب فيها خمس لله لأنه إنما كان شغله في خلافته كلها بقتال من خالفه ممن لا يسبي ولا يغنم وإنما يحتج بقول علي Bه في ذلك لو سبي وغنم ففعل في ذلك مثل ما كان أبو بكر وعمر فعلا في الأخماس وأما إذا لم يكن سبي ولا غنم فلا حجة لأحد في تغيير ما كان فعل قبله من ذلك ولو كان بقي في يده من ذلك شيء مما كان غنمه من قبله فحرمه ذوي قرابة رسول الله A لما كان في ذلك أيضا حجة تدل على مذهبه في ذلك كيف كان لأن ذلك إنما صار إليه بعد ما نفذ فيه الحكم من الإمام الذي كان قبله فلم يكن له إبطال ذلك الحكم وإن كان هو يرى خلافه لأن ذلك الحكم مما يختلف فيه العلماء ولو كان علي Bه رأى في ذلك ما كان أبو بكر وعمر Bهما رأياه في قرابة رسول الله A من قد خالفه لقول بن عباس Bهما كنا نرى أنا نحن هم فأبى ذلك علينا قومنا فهذه جوابات الحجج التي احتج بها الذين نفوا سهم ذوي القربى أن يكون واجبا لهم بعد رسول الله A ولا في حياته وأنهم كانوا في ذلك كسائر الفقراء فبطل هذا المذهب فثبت أحد المذاهب الأخر فأردنا أن ننظر في قول من جعله لقرابة الخليفة من بعد رسول الله A وجعل سهم رسول الله A للخليفة من بعده هل لذلك وجه فرأينا رسول الله A قد كان فضل بسهم الصفي وبخمس الخمس وجعل له مع ذلك في الغنيمة سهم كسهم رجل من المسلمين ثم رأيناهم قد أجمعوا أن سهم الصفي ليس لأحد بعد رسول الله A وأن حكم رسول الله في ذلك خلاف حكم الإمام من بعده فثبت بذلك أيضا أن حكمه في خمس الخمس خلاف حكم الإمام من بعده ثبت أن حكمه فيما وصفناه خلاف حكم الإمام من بعده ثبت أن حكم قرابته في ذلك خلاف حكم قرابة الإمام من بعده قلب أحد القولين من الآخرين فنظرنا في ذلك فإذا الله D قال وأعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فكان سهم رسول الله A جاريا له ما كان حيا إلى أن مات وانقطع بموته وكان سهم اليتامى والمساكين وابن السبيل بعد وفاة رسول الله A كما كان قبل ذلك ثم اختلفوا في سهم ذوي القربى فقال قوم هو لهم بعد وفاة رسول الله A كما كان لهم في حياته وقال قوم قد انقطع عنهم بموته وكان الله D قد جمع كل قرابة رسول الله A في قوله ولذي القربى فلم يخص أحدا منهم دون أحد ثم قسم ذلك النبي A فأعطى منهم بني هاشم وبني المطلب خاصة وحرم بني أمية وبني نوفل وقد كانوا محصورين معدودين وفيمن أعطى الغني والفقير وفيمن حرم كذلك فثبت أن ذلك السهم كان للنبي A فجعله في أي قرابته شاء فصار بذلك حكمه حكم سهمه الذي كان يصطفى لنفسه فكما كان ذلك مرتفعا بوفاته غير واجب لأحد من بعده كان هذا أيضا كذلك مرتفعا بوفاته غير واجب لأحد من بعده وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين