[204] أربعون يوما وليلة رفع يديه الى السماء وقال: اللهم ما فعلت في حاجتي إن كنت أستجبت دعائي، وغفرت خطيئتي فاوح الى نبيك وأن لم تستجب لي دعائي ولم تغفر لي خطيئتي، وأردت عقوبتي فعجل بنار تحرقني أو عقوبة في الدنيا تهلكني، وخلصني من فضيحة يوم القيامة فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم (والذين إذا فعلوا فاحشة) يعني الزنا أو ظلوا أنفسهم يعني بأرتكاب ذنب أعظم من الزنا وهو نبش القبور وأخذ الاكفان، ذكروا الله وأستغفروا لذنوبهم يقول خافوا الله فعجلوا التوبة، ومن يغفر الذنوب إلا الله. يقول عز وجل: أتاك عبدي يا محمد تائبا فطردته فأين يذهب، والى من يقصد ومن يسأل أن يغفر له ذنبا غيري ثم قال عز وجل: (ولم يصروا على ما فعلوه وهم يعون) يقول: لم يقيموا على الزنا ونبش القبور وأخذ الاكفان (أولئك جزائهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين) فلما نزلت هذه الاية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج وهو يتلوها ويتبسم فقال لاصحابه: من يدلني على ذلك الشاب التائب فقال معاذ: يا رسول الله بلغنا إنه في موضع كذا وكذا فمضى رسول الله صلى الله عليه وآله بأصحابه حتى أنتهوا الى ذلك الجبل فصعدوا إليه يطلبون الشاب فإذا هم بالشاب قائم بين صخرتين مغلولة يداه الى عنقه، وقد اسود وجهه وتساقطت أشفار علينيه من البكاء وهو يقول: سيدي قد أحسنت خلقي وأحسنت صورتي، فليت شعري ماذا تريد بي أفي النار تحرقني أو في جوارك تسكنني اللهم إنك قد أكثرت الاحسان الي وأنعمت علي. فليت شعري ماذا يكون آخر أمري الى الجنة تزفني ام الى النار تسوقني ؟ اللهم إن خطيئتي أعظم من السماوات والارض، ومن كرسيك الواسع وعرشك العظيم فليت شعري تغفر خطيئتي ام تفضحني بها يوم القيامة فلم يزل يقول نحو هذا وهو يبكي ويحثوا التراب على رأسه، وقد أحاطت به السباع وصفت فوقه الطير وهم يبكون لبكائه، فدنا رسول الله فأطلق يديه من عنقه ونفض التراب عن رأسه، وقال: يا بهلول أبشر فأنك عتيق الله من النار ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم لاصحابه: هكذا تداكروا الذنوب كما تداركها بهلول: ثم تلا عليه ما أنزل الله عز وجل فيه وبشره بالجنة. ذكرت قصة نباش آخر، وذلك كما في الامالي كان في بني اسرائيل رجل ينبش القبور فمرض جار له فخاف الموت فبعث الى النباش وأحضره، وقال: كيف كان جواري لك ؟ قال: أحسن جوار قال: فإن لي اليك ________________________________________