[ 27 ] ويقول ابن أبي الحديد المعتزلي عن موقف عائشة حين موت ابراهيم (ع) "... ثم مات ابراهيم، فأبطنت شماتة وإن أظهرت كآبة...) (1). وبعد كل ما تقدم.. فاننا نعرف أن أم المومنين قد ساهمت في اثارة الشكوك والشبهات حول مارية. وولدها ابراهيم. ولعلنا نستطيع أن نفهم أيضا من رواية السيوطي عن ابن مردويه: أن حفصة أيضا قد شاركت في تأليب رأي النبي (ص) ضد مارية.. وأن النبي (ص) قد حرم مارية على نفسه بعد المحاورة التي جرت بينه وبين عائشة... وبعد جزعهما، وعتاب حفصة له في شأنها.. ويفهم أيضا من رواية الحاكم أن تكثير النساء، على مارية كان بعد المحاورة المشار إليها بين النبي (ص) وعائشة.. وكل ذلك يجعلنا نطمئن إلى أن سبب تحريم مارية هو.، ذكرهن الشبهات حولها.. لا مجرد أنه وطأها في بيت حفصة أو عائشة.. ولا سيما بملاحظة: أن آيات التحريم، في سورة التحريم تدل على أن مما ارتكبوه كان أمرأ عضيما جدا، لا مجرد قول حفصة: يارسول الله في بيتي وعلى فراشي، فإن هذا كلام طبيعي وليس فيه أي إسائة أدب، أو خروج عن الجادة أصلا.. ولا يستحق هذا التأنيب العظيم الوارد في الآيات.. وعلى هذا.. فإن الظاهر هو أن آيات تحريم مارية في سورة التحريم قد نزلت في قضية الشبهات حول مارية حينما حرمها النبي (ص) على نفسه لذلك، وأما، آية الافك فنزلت في الافك عليها أيضا. ________________________________________ (1) شرح النهج للمعتزلي ج 9 ص 195. ________________________________________