[ 222 ] فسررت بذلك سرورا شديدا ودعوت له. فقمت وعملت ما قاله ومضيت معه حتى دخلت على محمد بن سليمان فسلمت عليه فقربنى ورفعني ثم قال يا عبد الملك: قد اخترتك لتأديب ولدى أمير المؤمنين فاعمل على الخروج إلى بابه وانظر كيف يكون فشكرته ودعوت له وقلت: سمعا وطاعة سأخرج شيئا من كتبي وأتوجه فقال: ودعني وكن على الطريق فقبلت يده وأخذت جميع ما احتجت إليه من كتبي وجعلت باقيها في بيت وسددت بابه وأقعدت على الدار عجوزا من أهلنا تحفظها، وباكرنى رسول محمد بن سليمان وأخذني إلى ذلال قد اتخذ لى وفيه ما أحتاج إليه وجلس معى ينفق على حتى وصلت إلى بغداد ودخلت على أمير المؤمنين فسلمت عليه فرد على السلام وقال: أنت عبد الملك بن قريب الاصمعي ؟ قلت: نعم. أنا عبد أمير المؤمنين ابن قريب الاصمعي قال: اعلم أن ولد الرجل مهجة قلبه وثمرة فؤاده، وهو ذا أسلم اليك ابني محمد بأمانة الله فلا نعلمه ما يفسد عليه دينه فلعل أن يكون للمسلمين إماما. قلت: السمع والطاعة وأخرجه إلى وتحولت معه إلى دار قد أخليت لنا لتأديبه فيها وبها من أصناف الخدم والفرش ما يسر وأجرى على في كل شهر عشرة آلاف درهم، وأمر بأن يخرج إلى في كل يوم مائدة فلزمته، وكنت مع ذلك أقضى حوائج الناس، وأخذ عليها للرغائب، وأنفذ جميع ما يجتمع أولا فأولا إلى البصرة فابنى دارى وأشترى ضياعا وعقارا فأقمت معه حتى قرأ القرآن وتفقه في الدين وروى الشعر. واللغة. وروى أيام الناس وأخبارهم، واستعرضه الرشيد فأعجب به وقال يا عبد الملك: أريد أن يصلى بالناس إماما في يوم جمعة فاختر له خطبة وحفظه إياها فحفظته عشرا. فخرج وصلى بالناس وأنا معه، فأعجب الرشيد به وأخذه نثار الدراهم والدنانير من الخاصة والعامة وأثنى الجوائز والصلاة على من كل ناحية فجمعت مالا عظيما. ثم استدعاني الرشيد فقال: يا عبد الملك قد أحسنت الخدمة فتمنى. فقلت: ما عسيت أن أتمنى وقد حزت آمالى فأمر لى بمال عظيم وكسوة كثيرة وطيب فاخر، وعبيد واماء، وظهر وفرش وآلة فقلت أن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لى بالالمام إلى البصرة والكتابة إلى عامله بها أن يخاطب الناس الخاصة والعامة بالسلام على ثلاث أيام، وإكرامى بعد ذلك فكتب لى عنه بما أردت ________________________________________