[ 220 ] قلت لمن حضر قوموا معى إلى عدو الله هذا التركي ننكر عليه، ولا نبرح أو يخرج المرأة. فقاموا وجئنا فصحنا على بابه فخرج علينا في عدة من غلمانه وأوقع بنا، وقصدني من دون الجماعة فضربني ضربا عظيما حتى كدت أتلف منه، فحملني الجيران كالتالف فعالجني أهلى ونمت نوما ثقيلا وفقت نصف الليل فما حملني النوم للالم وفكرا للقصة فقلت: هذا قد شرب طول ليلته، ولا يعرف الاوقات فلو أذنت لوقع له أن الفجر قد طلع فأطلق المرأة فلحقت بيتها قبل الفجر فسلمت من إحدى المكروهين. فخرجت إلى المسجد متحاملا وصعدت المنارة فأذنت، وجعلت أتطلع منها إلى الطريق أراقب خروج المرأة فان خرجت وإلا أقمت الصلاة لكى لا يشك في الصباح فيخرجها فما مضت إلا ساعة والمرأة عنده إلا وقد امتلا الشارع خيلا ورجلا ومشاعل وهم يقولون: من هذا الذى أذن الساعة أين هو ؟ ففزعت وسكت ثم قلت أخاطبهم لعلى أستعين بهم على إخراج المرأة فصحت من المنارة أنا أذنت. فقالوا: أجب أمير المؤمنين. فقلت دنا الفرج، فنزلت فإذا بدر وعدة غلمان معه فحملني وأدخلني على أمير المؤمنين فلما رأيته هبته، وارتعدت فسكن منى وقال: ما حملك عن أن تغرر بالمسلمين بأذانك في غير وقته، فيخرج ذو الحاجة في غير حينها، ويمسك المريد للصوم في وقت قد أبيح له فيه الافطار، وينقطع العسس عن الطواف والحرس. فقلت: فليؤمننى أمير المؤمنين لاصدق. قال: أنت آمن. فقصصت عليه القصة وأريته الضرب. فقال: يا بدر على بالغلام والمرأة في هذه الساعة، وعزلت في موضع، ومضى بدر وأحضر الغلام والمرأة فسألها المعتضد عن الصورة فأخبرته بمثل ما قلته، فقال لبدر: بادر بها الساعة إلى زوجها مع ثقة يدخلها دارها ويشرح لزوجها خبرها، ويأمره عنى بالتمسك بها والاحسان إليها، ثم استدعاني فوقفت وجعل يخاطب للغلام وأنا قائم اسمع الكلام. فقال له: يا فلان كم جرايتك في كل سنة ؟ قال كذا وكذا قال: وكم عطاؤك ؟ قال كذا وكذا. قال فما كان لك فيهن وفى هذه النعمة العظيمة العريضة كف عن ارتكاب معاصي الله تعالى وخرق هيبة السلطان حتى استعملت ذلك وتجاوزته بالوثوب على من أمرك بالمعروف ؟ ! قال: فأسقط ________________________________________