[ 212 ] مالا، فأخذت القطعة وهى كما قال فجعلتها في هميان من صفته كيت وكيت. قال: ووصف الهميان الذى عندي، وجعلت في الهميان ألف دينار عينا من مالى وجعلته على وسطى، فلما جئت إلى بغداد، نزلت أسبح في الجزيرة بسوق يحيى وتركت الهميان وثيابى بحيث الاحظهما، فلما صعدت من دجلة لبست ثيابي وقد غربت الشمس وأنسيت الهميان فلم أذكره إلا من غد، فغدوت لطلبه وكأن الارض قد ابتلعته فهونت على نفسي المصيبة، وقلت: لعل قيمة الحجر خمسة آلاف دينار أغرمها فخرجت إلى الحج وقضيت حجى ورجعت إلى بلدي فأنفذت إليه ما حملته به، وأخبرته بخبرى وقلت له: خذ منى تمام الخمسة آلاف دينار فطمع وقال: قيمة الحجر خمسون ألف دينار وقبض على جميع ما أملكه من مال ومتاع وأنزل صنوف المكاره بى، وحبسني سبع سنين كنت أتردد فيها في العذاب. فلما كان في هذه السنة سأله الناس في أمرى فأطلقني فلم يمكننى المقام في بلدي، وتحمل شماتة الاعداء فخرجت على وجهى أعالج الفقر بحيث لا أعرف، وجئت مع الخراسانية أمشى أكثر الطريق، ولا أدرى ما أعمل فجئت لاشاورك في معاش أتعلق به. فقلت يا هذا: قد رد الله عزوجل عليك ضالتك هذا الهميان الذى وصفته عندي، وقد كان فيه ألف دينار أخذتها، وعاهدت الله عز ذكره أنى ضامنها لمن يعطينى صفة الهميان، وقد أعطيتني صفته وعلمت أنه لك، وقمت فجئت بكيس فيه ألف دينار فقلت: خذها وتعيش بها ببغداد فانك لا تعدم خيرا إن شاء الله تعالى. فقال لى يا سيدى: الهميان بعنيه عندك لم يخرج عن يدك. قلت: نعم فشهق شهقة ظننت أنه قد تلف منها. وخر ساجدا فما أفاق إلا بعد ساعة ثم قال: ائتنى بالهميان، فجئته به فقال: سكين فأعطيته فخرق أسفله واستخرج منه حجر ياقوت أحمر كالكف، فأشرق البيت منه وكاد أن يأخذ بصرى شعاعه وأقبل يشكرني ويدعو لى فقلت: خذ دنانيرك فحلف بكل يمين أنه لا يأخذ منها شيئا إلا ثمن ناقة. ومحمل ونفقة تبلغه. فاجتهدت به فبعد جهد أخذ ثلثمائة دينار وأحلني من الباقي. فلما كان في العام المقبل جاءني بقريب مما كان يجيئنى به سالفا. فقلت: ________________________________________