[ 209 ] وضجر، فاستكثر الكتب وفض واحدا وقرأه وأقبل على شغله من غير أن يقرأ باقى الكتب وضجر، وتغيظ وقال أليس كلها في معنى واحد ؟. قد والله بلينا بكم معاشر المتعطلين، كل يوم يصير إلينا منكم واحد يريد تصرفا أو برا، ولو كانت خزائن الارض لى لكانت قد نفدت. يا هذا: مالك عندي شئ ولا تصرف، ولا لى عمل شاغر فأوده اليك، ولا في مالى فضل لبرك فدبر أمرك بمعرفتك. كل هذا والرجل ساكت إلى أن أمسك ابن أبى الفضل، فلما سكن قال الرجل: أحسن الله جزاءك، وتولى مكافأتك الحسنى، وفعل بك وصنع. قال وأسرف الرجل في شكره، والدعاء له. ثم ولى منصرفا. فقال ابن أبى الفضل: ردوه. فرد. فقال يا هذا: أتسخر بى على أي شئ تشكرني على إئاسك من التصرف، أو قطع رجائك في الصلة وضجري لك، أو تريد خداعي بهذا الفعل ؟ فقال: ما أريد خداعك وما كان من قبيح الرد غير منكر لانك حاكم، ويلحقك ضجر، ولعل الامر كما ذكرته من كثرة الواردين عليك، وقد تعبت بهم، ولم أشكرك إلا في موضع الشكر، لانك صدقتني عما لى عندك في أول مجلس، فأعتقت عنقي من ذل الطمع، وأرحتني من التعب بالغدو والرواح إليك، وكشفت لى ما أدبر أمرى به، وكسوتي لم تخلق، وبقية نفقتى معى، ولعلهما يحملاني إلى بلد آخر ووجه سواك. قال: فأطرق الامير. ومضى الرجل. فرفع رأسه. وقال: ردوه، فلحقوه فردوه فاعتذر إليه، وأمر له بصلة وقال: تأخذها إلى أن أقلدك عملا يصلح لك، فانى أرى فيك مصطنعا. فلما كان بعد أيام قلده عملا جليلا، وصلحت حال الرجل معه قال أبو الفرج المعروف الاصبهاني، قال: حدثنى جحظة وهو أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد بن برمك، قال: أحلت بى إضاقة أنفقت فيها جميع ما أملك حتى بقيت وليس في بيتى غير البوارى، فأصبحت يوما وأنا أفلس من طنبور بلا وتر، كما قال ________________________________________