[ 30 ] شملهم به استخفافهم ذلك وبما كسبت أيديهم، وبإيثارهم العمى على الهدى كما قال عزوجل: " فأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى " (1) وكما قال: " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم " (2) يريد على علم لعناده للحق (3) واسترخائه إياه ورده له واستمرائه الباطل وحلوه في قلبه وقبوله له، و " الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون " وهم المعاندون لشيعة الحق ومحبى أهل الصدق، والمنكرون لما رواه الثقات من المؤمنين عن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وعليهم، الرادون العائبون لهم بجهلهم وشقوتهم، القائلون بما رواه أعداؤهم، العاملون به، الجاعلون أئمتهم أهواءهم وعقولهم وآراءهم دون من اختاره الله بعلمه - حيث يقول: " ولقد اخترنا هم على علم على العالمين " (4) - ونصبه واصطفاه وانتجبه وارتضاه، المؤثرون الملح الاجاج على العذب النمير الفرات (5)، فإن صون دين الله، وطى علم خيرة الله [ سبحانه ] عن أعدائهم المستهزئين به أولى ما قدم، وأمرهم بذلك أحق ما امتثل. ثم ابتدأ نا بعد ذلك بذكر حبل الله الذى أمرنا بالاعتصام به وترك التفرق عنه بقوله: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " (6) وما روى في ذلك. وأردفناه بذكر ما روى في الامامة وأنها من الله عزوجل وباختياره كما قال تبارك وتعالى: " وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة " (7) من أمرهم، وأنها عهد من الله وأمانة يؤديها الامام إلى الذى بعده. ________________________________________ (1) فصلت: 17. (2) الجاثية 23. (3) في بعض النسخ " معناه عند ما علم عناده للحق ". (4) الدخان: 33. (5) النمير - بفتح النون -: الزاكى من الماء والحسب، والكثير. (6) آل عمران: 103. (7) القصص: 68. قوله " من أمرهم " ليس من الاية. ________________________________________