[ 42 ] لقد أصبح بحمد الله بارئا، فقال: أما إني على ما ترى لوجع، وجعلتم لي معشر المهاجرين شغلا على وجعي، وجعلت لكم عهدا مني من بعدي، واخترت لكم خيركم في نفسي، فكلكم ورم لذلك أنفه، رجاء أن يكون الأمر له، ورأيتم الدنيا قد أقبلت، والله لتتخذن ستور الحرير، ونضائد الديباج، وقائلون ضجائع الصوف الأذربي كأن احدكم على حسك السعدان، والله لئن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد لخير له من أن يسبح في غمرة الدنيا، وانكم غدا لأولى ضال بالناس يجورون عن الطريق يمينا وشمالا، يا هاوي الطريق جرت، انما هو البجر أو الفجر، فقال له عبد الرحمن: لا تكثر على ما بك فيهيضك، والله ما أردت إلا خيرا، وان صاحبك لذو خير، وما الناس إلا رجلان، رجل رأى ما رأيت، فلا خلاف عليك منه، ورجل رأى غير ذلك وانما يشير عليك برأيه، فسكن وسكت هنيهة، فقال عبد الرحمن: ما أرى بك بأسا والحمد لله، فلا بأس على ________________________________________ الخطأ ولا عن الهدى الى الضلال، سيما والاجماع واع على انه لم يظهر منه ضلال في أيام الثلاثة الذين تقدموا عليه، ومحال أن يكون التأخر خطأ وتركه خطأ للأجماع على بطلان ذلك أيضا ولما يوجبه القياس من فساد هذا المقال. وليس يصح أن يكون صوابا، لأن الحق لا يكون في جهتين مختلفتين، ولا على وصفين متضادين ولأن القوم المخالفين لنا في هذه المسألة مجمعمون على انه لم يك اشكال في جواز الاختيار، وصحة امامة أبي بكر، وانما الناس بين قائلين، قائل من الشيعة يقول: ان امامة أبا بكر كانت فاسدة فلا يصح القول بها أبدا، وقائل من الناصبة يقول آنهاكان صحيحة، ولم يكن على أحد ريب في صوابها إذ جهة استحقاق الامامة هو ظاهر العدالة والنسب والعلم والقدرة على القيام بالأمور، ولم تكن هذه الأمور تلتبس على أحد في أبي بكر عندهم وعلى ما يذهبون إليه فلا يصح مع ذلك ان يكون المتأخر عن بيعته مصبيا أبدا، لأنه لا يكون متأخرا لفقد الدليل بل لا يكون متأ خرا لشبهة، وانما يتأخر إذا ثبت انه تأخر للعناد فثبت بما بيناه أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يبايع أبا بكر على شئ من الوجوه كما ذكرناه وقدمناه، وقد كانت الناصبة غافلة عن هذا الاستخراج في موافقتها على أن أمير المؤمنين (عليه السلام) تأخر عن البيعة وقتا ما، ولو فطنت له لسبقت بالخلاف فيه عن الاجماع وما أبعد انهم سيرتكبون ذلك إذا وقفوا على هذا الكلام غير ان الاجماع السابق لمرتكب ذلك بحجه ويسقط قوله فيهون قصته ولا يحتاجه معه الى الاكثار - الفصول المختارة: 31 -. (1) هاضه: نكسه، هيجه، قتره. ________________________________________