[57] ألا ابشرك ؟ " قالت: بلى بأبي وامي (1) يا رسول الله، قال: " إن الله جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة " قالت: فأعلم الناس ذلك، فقام رسول الله صلى الله عليه واله وأخذ بيدي يمسح بيده رأسي حتى رقي إلى المنبر، وأجلسني أمامه على الدرجة السفلى والحزن يعرف عليه، فقال: " إن المرء كثير بأخيه (2) وابن عمه، ألا إن جعفرا قد استشهد، وجعل له جناحان يطير بهما في الجنة " ثم نزل صلى الله عليه واله ودخل بيته، و أدخلني معه، وأمر بطعام يصنع لاجلي، وأرسل إلى أخي فتغدينا عنده غداء (3) طيبا مباركا، وأقمنا ثلاثة أيام في بيته ندور معه كلما صار في بيت إحدى نسائه ثم رجعنا إلى بيتنا فأتانا رسول الله صلى الله عليه واله وأنا اساوم شاه أخ لي، فقال: " اللهم بارك له في صفقته " قال عبد الله: فما بعث شيئا ولا اشتريت شيئا إلا بورك لي فيه. قال الصادق عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه واله لفاطمة: اذهبي فابكي على ابن عمك فإن لم تدعي بثكل فما قلت فقد صدقت. وذكر محمد بن إسحاق، عن عروة قال: لما أقبل أصحاب مؤتة تلقاهم رسول الله صلى الله عليه واله والمسلمون معه فجعلوا يحثون عليهم التراب ويقولون: يا فرار فررتم (4) في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله: ليسوا بفرار، ولكنهم الكرار إن شاء الله (5). بيان: قال الفيروز آبادي: المعان: موضع بطريق حاج الشام، وقال: مؤتة: موضع بمشارف الشام قتل فيه جعفر بن أبي طالب، وفيه كان تعمل السيوف. قوله صلى الله عليه واله: إن المرء كثير (6) لعل المراد بالكثرة هنا العزة كما يكنى عن الذلة بالقلة، أي عزة المرء وكثرة أعوانه إنما يكون بأخيه وابن عمه. قوله: إن لم تدعي بثكل، أي لا تقولي واثكلاه، ثم كل ما قلت فيه من الفضائل فقد صدقت، لكثرة فضائله، وقيل: المعنى لا تقولي إلا صدقا ولا يخفى بعده. ________________________________________ (1) في المصدر: بابى انت وامى. (2) في المصدر: ان المرء كثير حزنه باخيه. (3) في المصدر: فتغذينا جميعا عنده غذاء طيبا مباركا. (4) في المصدر: افررتم. (5) إعلام الورى بأعلام الهدى: 64 و 65 ط 1 و 110 - 112 ط 2. (6) ذكرنا قبلا ان الموجود في المصدر: ان المرء كثير حزنه بأخيه، فعليه لا يحتاج إلى توجيه. ________________________________________