[ 55 ] الاول: أنها دلت على أنه صلى الله عليه وآله قرب من أن يفتري على الله، والفرية على الله من أعظم الذنوب. الثاني: أنها تدل على أنه لولا أن الله تعالى ثبته وعصمه لقرب أن يركن إلى دينهم. الثالث: أنه لولا سبق جرم وجناية لم يحتج إلى ذكر هذا الوعيد الشديد. والجواب عن الاول: أن (كاد) معناه المقاربة، فكان معنى الآية أنه قرب وقوعه في الفتنة، وهذا لا يدل على الوقوع. وعن الثاني أن كلمة (لولا) تفيد انتفاء الشئ، لثبوت غيره، تقول: لولا علي لهلك عمر، ومعناه أن وجود علي عليه السلام منع من حصول الهلاك لعمر، فكذلك ههنا فقوله: " ولولا أن ثبتناك " معناه لولا حصل تثبيت الله لك يا محمد، فكان تثبيت الله مانعا من حصول ذلك الركون. وعن الثالث أن التهديد على المعصية لا يدل على الاقدام عليها، والدليل عليه آيات منها قوله تعالى: " ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين (1) " الآيات، وقوله تعالى: " لئن أشركت (2) " وقوله: " ولا تطع الكافرين (3) " انتهى (4). وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك " يعني القرآن، ومعناه إني أقدر أن آخذ ما أعطيتك كما منعته غيرك، ولكن دبرتك بالرحمة لك فأعطيتك ما تحتاج إليه، ومنعتك ما لا تحتاج إلى النص عليه (5) " ثم لا تجد لك به علينا وكيلا " أي ثم لو فعلنا ذلك لم تجد علينا وكيلا يستوفي ذلك منا (6). ________________________________________ (1) الحاقة: 44. (2) الزمر: 65. (3) الاحزاب: 1. (4) مفاتيح الغيب 5: 420. (5) زاد في المصدر بعد ذلك: وإن توهم قوم أنه مما تحتاج إليه فتدبر أنت بتدبير ربك وارض بما اختاره لك. 6) مجمع البيان 6: 438. [ * ] ________________________________________