[ 54 ] قبضنا ذلك كسرناها وأسلمنا، فهم بتأجيلهم فنزلت عن الكلبي، فقال: " وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك " إن مخففة عن الثقيلة، والمعنى أن المشركين هموا و قاربوا أن يزيلوك ويصرفوك عن حكم القرآن " لتفتري علينا غيره " أي لتخترع علينا غير ما أوحيناه إليك، والمعنى لتحل محل المفتري، لانك تخبر أنك لا تنطق إلا عن وحي، فإذا اتبعت أهوائهم أوهمت أنك تفعله بأمر الله فكنت كالمفتري " وإذا لاتخذوك خليلا " أي لتولوك وأظهروا صداقتك (1) " ولولا أن ثبتناك " أي ثبتنا قلبك على الحق والرشد بالنبوة والعصمة والمعجزات، وقيل: بالالطاف الخفية " لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا " أي لقد قاربت أن تسكن إليهم بعض السكون، يقال: كدت أفعل كذا، أي قاربت أن أفعله ولم أفعله، وقد صح عنه صلى الله عليه وآله قوله: " وضع عن امتي ما حدثت به نفسها ما لم يعمل به أو يتكلم " قال ابن عباس: يريد حيث سكت عن جوابهم والله أعلم بنيته، ثم توعده سبحانه على ذلك لو فعله فقال: " إذا لاذقناك ضعف الحيات وضعف الممات " أي لو فعلت ذلك لعذبناك ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات (2)، لان ذنبك أعظم، وقيل: المراد بالضعف العذاب المضاعف ألمه، قال ابن عباس: رسول الله صلى الله عليه وآله معصوم، ولكن هذا تخفيف لامته لئلا يركن أحد من المؤمنين إلى أحد من المشركين في شئ من أحكام الله وشرائعه " ثم لا تجد لك علينا نصيرا " أي ناصرا ينصرك (3). وقال الرازي: احتج الطاعنون في عصمة الانبياء عليهم السلام بهذه الآية بوجوه: ________________________________________ (1) فيه حذف واختصار والموجود في المصدر هكذا معناه وإنك لو أجبتهم إلى ما طلبوا منك لتولوك وأظهروا خلتك أي صداقتك لموافقتك معهم، وقيل: من الخلة التى، هي الحاجة أي فقيرا محتاجا إليهم، والاول أوجه. (2) في المصدر: أي مثلى ما نعذب به المشرك في الدنيا، ومثلى ما نعذب به المشرك في الاخرة لان ذنبك يكون أعظم. (3) مجمع البيان 6: 431 و 432 أقول: الاية وأمثالها تدل على انه تعالى امتن عليه باعطائه ملكة العصمة وتثبيته بها عن الوقوع في المعاصي: ولولا أن الله عصمه، وتركه على حالة البشرية وطبعها لركن إليهم قليلا، فليس فيها دلالة على صدور ذنب أو مقاربته له. [ * ] ________________________________________