[ 47 ] قوله تعالى: " فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك " قال الرازي في تفسيره: اختلف المفسرون في أن المخاطب بهذا الخطاب من هو، فقيل: هو النبي صلى الله عليه وآله، وقيل: غيره، فأما من قال بالاول فاختلوا فيه على وجوه: الاول: أن الخطاب مع النبي صلى الله عليه وآله في الظاهر، والمراد غيره كقوله تعالى: " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء (1) " وكقوله: " يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين و المنافقين (2) " وكقوله: " لئن أشركت ليحبطن عملك (3) " وكقوله لعيسى عليه السلام " ءأنت قلت للناس (4) " ومن الامثلة المشهورة: إياك أعني واسمعي يا جارة، والذي يدل على صحة ما ذكرناه وجوه: الاول: قوله تعالى في آخر السورة: " يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني (5) " فبين أن المذكور في أول الآية على سبيل الرمز هم المذكورون في هذه الآية على سبيل التصريح. والثاني: أن الرسول لو كان شاكا في نبوة نفسه لكان شك غيره في نبوته أولى، و هذا يوجب سقوط الشريعة بالكلية. والثالث: أن بتقدير أن يكون شاكا في نبوة نفسه فكيف تزول ذلك الشك بإخبار أهل الكتاب عن نبوته ؟ مع أنهم في الاكثر كانوا كفارا، وإن حصل فيهم من كان مؤمنا، إلا أن قوله ليس بحجة، لاسيما وقد تقرر أن ما في أيديهم من التوراة و الانجيل مصحف محرف، فثبت أن الحق هو أن هذا الخطاب وإن كان في الظاهر مع الرسول إلا أن المراد هو الامة، ومثل هذا معتاد فإن السلطان الكبير إذا كان له أمير وكان تحت رأية ذلك الامير جمع فإذا أراد أن يأمر الرعية بأمر مخصوص فإنه لا يوجه خطابه عليهم، بل يوجه ذلك الخطاب على ذلك الامير الذي أمره عليهم (6)، ليكون ________________________________________ (1) الطلاق: 1. (2) الاحزاب: 1. (3) الزمر: 65. (4) المائدة: 116. (5) يونس: 104. (6) في المصدر: على ذلك الامير الذي جعله أميرا عليهم. [ * ] ________________________________________